حمد بن عبدالله القاضي
لم أقرأ على مدى الفترة الماضية موضوعاً جعل الألم يسكن وديان نفسي مثل هذه الرسالة، لم أملك وأنا أقرؤها سقوط عبرات من عيني على حروفها.
فأولاً إذا تأملنا حقيقة أن (( الحياة قصيرة )) فكيف نضيِّعها ونضيع ساعاتها في اللهاث وراء جمع الريال والدولار بدلاً من أن نجعلها تضوع بالاستمتاع بها والتواصل مع أحبابنا الذين سنفارقهم أو يفارقونا عند الانتقال من ظهر الأرض إلى بطنها.
هذه الرسالة البليغة التأثير التي أنعتها بأنها ((دمعة)) أرسلتها شقيقة مكلومة إلى شقيقها الوحيد الذي هجرها لسنوات عشر لم يرها أو يتصل بها وقد تزوجت ولم يزرها أو يقبل أحد أبنائها، وهو تزوج ورزق بأولاد ولم ترهم ، وقد بذلتْ وعملت كل شيء من أجل إعادة ((وشيجة التواصل)) حياله وفاء لأم وأب خلفاهما ثم رحلا إلى العالم الآخر وتركاهما!
إنها بعباراتها وعبراتها لا تحتاج مني إلى مزيد تعليق ، وقد نشرتها صحيفة ((الرياض)) قبل فترة وقد أرسلها إليّ صديق حيث لم اطلع عليها حين نشرها لطرح هذا الموضوع الاجتماعي التي جسدتها هذه القصة الدامية التي عبرت عنها هذه الرسالة التي كتبتها أخت اسمها ((مزنة سعيد )) وقد خشيتْ أن تغادر الدنيا وهي لم تلتق بشقيقها كما جاء برسالتها «الدمعة» ولوفائها وحبها لأخيها أسمت ابنها الذي رزقت به باسم أخيها ((حمود)) رغم هجره لها.
* * *
هذه هي الرسالة : ((إلى أخي الذي لم يتحدث معي منذ أكثر من عشر سنوات ومضى وقت طويل كنت فيه أحاول دائماً أن أتذكر أنك أخي الكبير الذي لم ينجب والديَّ سوانا.. كنا قريبين جداً.. لم نستطع يوماً أن نتخيل أن نتخاصم وأن تمضي عشرة أعوام ولا نرى خلالها بعضنا البعض.. سمعت أن لديك أبناء، ونجحت في تجارتك.. لكن لم يخبرني أحدهم أنك تسأل عني.. أو أنك اشتقت لي.. وتحن إلى أخوتنا الضائعة لأسباب لم أتعمد أبداً أن تحدث..
أجرب أن أبعث إليك تهنئة من القلب الذي ولد وتربى معك في بيت واحد.. أحلم بـ((رمضان)) مقبل يجمعنا ونكون فيه أخوة حقيقيين.. فهل يستطيع ((رمضان)) أن ينسيك تلك القسوة؟، وهل يستطيع قلبك أن يتجاوز الحواجز التي وضعتها أنت لسنوات عدة بيننا لأسباب تخصني أنا لوحدي.. إنني يا أخي أفتح قلبي إليك.. وأرجوك أن تعود لي أخاً موجوداً في حياتي.. فبعد وفاة والدينا لم يتبق لي سوى أخوّتك التي شاخت مع مرور الوقت.
إنني أخشى أن أموت قبل أن أراك، إنني أنتظرك في ذات البيت الذي جمعنا به القدر شقيقين لتراني.. وترى ابني الذي أسميته باسمك ((حمود)) أ-هـ.