محمد سليمان العنقري
قال معالي وزير المالية محمد الجدعان إن إصلاحات أسعار الطاقة وغيرها من الإصلاحات الاقتصادية المنتظر إقرارها قريباً قد توزع على فترة زمنية أطول، حيث يرى خبراء حكوميون أن ذلك في صالح الاقتصاد. وأضاف أن التنمية الاقتصادية هي الهدف وأن التوازن المالي ليس ضرورياً تحقيقه في العام 2020م.
ففي سياق حديثه لقناة العربية علل أيضاً السبب لهذا التوجه بقدرة المملكة على الاقتراض ووجود اجتياطيات مالية كبيرة تدعم الاقتصاد، مما يعني أن الحكومة تتمتع بأريحية كاملة لاختيار المدة الزمنية للإصلاحات الاقتصادية المنتظرة والتي من شأنها تخفيف الضغط على الميزانية العامة ورفع الإيرادات، حيث كان مقرراً تحقيق التوازن المالي في عام 2020 م إلا أن تصريح الوزير يشير لمدة زمنية أطول ستقاس على حسب الحاجة الاقتصادية بما لا يشكل ضغطاً يحد من النمو الاقتصادي المستهدف، وهي مرونة تحسب للحكومة، فهذا التوجه تم نقاشه وطرحه في زوايا الرأي الاقتصادي كثيراً، كما أن صندوق النقد الدولي أكد أهميته في نصائح قدمها حول الاقتصاد السعودي.
فالنمو الاقتصادي بالمملكة يشهد تراجعاً منذ العام 2015 م بعد أن تراجعت أسعار النفط بحدة وفقدت حوالي 50 % من أعلى مستوياتها فوق 100 دولار للبرميل، ومعلوم أن الإنفاق الحكومي كان وما زال المؤثر الأكبر بالنمو الاقتصادي والذي شهد تراجعاً بعد أن تم إنجاز العديد من المشاريع خلال العشر السنوات الأخيرة، إضافة إلى إعادة جدولة مشاريع مستقبلية مع خطط حكومية لرفع كفاءة الإنفاق مما أثر على معدلات النمو سلبياً، لكن بالتأكيد يبقى لتراجع إيرادات النفط الحاد دور كبير بضعف نمو الاقتصاد، فالإصلاح الاقتصادي المستهدف يحمل أهمية كبيرة لرفع الإيرادات الحكومية ولتحقيق أهداف عديدة منها دعم التنمية دون أن يكون لتقلبات إيرادات النفط دور كبير في توجهات الإنفاق العام.
فمن المهم أن ننظر في معرض أولويات المؤشرات الرئيسة بالاقتصاد إلى خفض نسبة البطالة التي وصلت بحسب هيئة الإحصاءات إلى 12.8 % كأحد أهم الأهداف من التنمية الاقتصادية واعتبار حلولها وخفضها المقياس الأول لنجاح خطط التنمية، بما يعني أن دعم النمو خلال السنوات الثلاث القادمة لابد أن يركز على ملف البطالة، فنمو الوظائف وليس الإحلال فقط سيمثل أحد أهم العوامل لخفض نسبة البطالة، وهو ما يتطلب حزم دعم وتحفيز للاقتصاد وخصوصاً تنشيط دور القطاع الخاص بحيث يتم توليد فرص عمل تستوعب الأعداد الكبيرة الداخلة لسوق العمل المقدرة بحوالي 300 ألف سنوياً، وهو ما يتطلب دراسة واختباراً لقدرة القطاع الخاص على تحمل التغيرات بالأسعار عند إقرار رفع الدعم ووضع السيناريوهات لكل مدة زمنية على كل القطاعات بحيث تصل لمرحلة تستوعب تغير التكاليف وتحافظ على تنافسيتها ورفع دورها بالناتج المحلي.
التوجهات التي أتت بتصريح وزير المالية تعد عاملاً مهماً لدعم النمو الاقتصادي واعتباره الأولوية ومقدماً على التوازن المالي مما سيشجع القطاع الخاص على ضخ الاستثمارات مستقبلاً بعد أن تعلن خطة الإصلاحات المنتظرة وإطارها الزمني حتى تكون الطريق واضحة أمام الجميع لتحديد أساليب التشغيل ورفع الكفاءة بالإنتاج، إضافة إلى عمل دراسات جدوى أكثر وضوحاً للمستثمرين الجدد أو الذين ينوون التوسع بأعمالهم، وهو ما سينعكس على الممو الاقتصادي بالإيجاب وسيسهم بخفض نسب البطالة ورفع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد.