أمل بنت فهد
لا شأن للشجاعة أو الجبن في قضية وضع فكرة صلبة ومتجذرة موضع النقاش.. فمن الطبيعي أن تدخل مناورة مع الإحباط.. لأن حرب الأفكار صعبة وشرسة.. وإحراز التقدم فيها أشبه ما يكون بخطوات متناهية الصغر تكاد تخدعك.. وتظن أنها لم تتزحزح من مكانها.. لكن المقياس في حرب الأفكار مختلف عن غيره.. إنه يقاس بأصغر وحدة يمكنك أن تتخيلها.. لذا عليك أن تفهم أن تغيير فكرة عتيقة.. مثل تحدي الموت.. إنها معجزة وممكنة.
الفكرة القديمة حين تكون جماعية.. فإنها مثل صخرة ضخمة.. صلبة.. وأنت رياح التغيير الناعمة.. التي تنحت جوانبها بهدوء.. تمهيداً لتغييرها.. لكن عمرك لا يكفي لتفتيت الصخر.. فالإنجاز حين تتحدث عنه في تغير فكرة.. يختلف عن غيره.. لأن أول إنجاز تحققه.. حين تنزع عن الفكرة قداسة المساس.. لمجرد أنك طرحتها وأشرت إليها مشككاً بها.. مهما كان رد الفعل قويًا.. ومهما كثر حولها من يحميها.. أنت بكلمة واحدة.. عريتها.. ونقلتها من موضع الأسئلة المحرمة.. إلى الأسئلة الممكنة.. وكل إجابة تأتِ بعد كلمتك.. ثقب جديد في صُلبِها.. وإن لم يصل مداها إلى جوفها.. يكفي إن كنت سبباً في إحداث تشوه واحد في كيانها.
وهكذا تكون فتحت النار عليها.. وتركتها هدفاً للنقد.. وإعادة النظر.. حتى وإن كان رد الفعل مجرد دفاع عنها.. أنت حركت الوسط.. ومع كل حركة أنت تخلق زعزعة.. حرب الأفكار خطرها يكمن في الوقت الذي تحتاجه لنسفها.. فقط.. ولست بحاجة إلى معاكسة التيار.. فقط ارمي حجرك.. ودع الطبيعية تكمل عملها.
وعلى ذلك يمكن أن تقيس أصعب عادة لم تستطع الخلاص منها.. اعلم أنك بدأتها بفكرة.. تبعها سلوك منحك لذة ما.. وهكذا كبرت في داخلك.. وأصبحت عادة قديمة.. ولدتها فكرة عابرة.. تحتاج فقط أن تجعلها موضع تساؤل.. ليبدأ الشك فيها.. والشك أعظم فضيلة يمكنها أن تنقذك من جمود الحال.. واستعباد العادة.. لا تقاومها بل أبدأ الشك فيها.. لا تعاندها بل ابحث عن أصلها.. لأن تدميرها يحتاج فقط أن تشك فيها.. وتناقشها بينك وبين نفسك.. إلى أن يصيبها تعب اليقين.. ويضربها في صميمها.. وتنتهي منها.