فهد بن جليد
هل تحتاج في عملك إلى الموظف المُفكر والذي لن يفعل ما تريده منه بالضبط، لأنه يعتقد بأنَّ هناك طرقا أفضل للتنفيذ وتحقيق الأهداف سيقوم بها دون الرجوع إليك، أم أنَّك تحتاج الموظف المُنفذ للتعليمات والأوامر بحذافيرها ونصوصها مُلتزماً بما طلبته منه من خطوات حرفياً, إذا كان اختيارك الذي تميل إليه هو النوع الثاني من الموظفين فبرأيي الشخصي أنت مُدير مُستبد، ورئيس دكتاتوري تعتقد أنَّ طريقتك هي الأفضل لتحقيق الأهداف الموضوعة ويجب على الموظف الالتزام الحرفي بها - وبالمناسبة يعتقد أنَّ هذا هو الموظف المثالي - في عيون الكثير من المديرين، لأنَّه ينفذ ما يريدون دون تفكير، أمَّا النوع الأول فهو مُزعج ويهدد دائماً غير الواثقين من أحقيتهم بالجلوس على الكراسي، وإن كان بعض المديرين ينجح في ترويض هذا النوع من الموظفين الأذكياء والمبدعين، ليصبح الموظف مثل الحصان الذي يجر العربة نحو أقصر الطرق لوصول الرئيس دون عناء التفكير.
إذاً المسألة خليط بين الإبداع والإتقان، وثمة اختلاف برأيي بين ثقافات الشعوب في هذين المعنيين، ففي عالمنا العربي يعتقد الكثير منا أننا نفهم في كل شيء، وأنَّ بإمكاننا الابتداع والإبداع لاختصار الخطوات حد (الفذّلكة والفهلوة) والقفز على الأنظمة والتعليمات وخطوات التنفيذ لتحقيق الأهداف المطلوبة - مما يجعل النوع الأول من الموظفين يكثر في بيئتنا - فكلنا مديرين ونفتي لاتخاذ ما يلزم لتنفيذ كل الأعمال في وقت واحد على طريقة (سبع صنايع والبخت ضايع), بينما بعض الشعوب المُنتجة في الشرق الآسيوي تحديداً، لا يمكنهم تنفيذ أكثر من أمر في وقت واحد، وعنوانهم الالتزام بحذافير ما تطلبه الوظيفة منهم، لذا يمكن تصنيف أغلبهم من النوع الثاني المُنفذ بإتقان لرؤية وأمر الرئيس أو المدير.
الأسبوع الماضي اكتشف العلماء في جامعات بريطانية وسويسرية في دراسة مُشتركة بقيادة الباحث أوليفر كاناب من جامعة سنترال لانكشاير أنَّ الأشخاص الذين يسيرون أثناء النوم (يسري بهم الجاثوم) كما نقول محلياً، هم أفضل من يتقن التنفيذ - أي النوع الثاني من الموظفين - وثبت علمياً وبتجربة ناجحة استجابتهم للرموز الافتراضية بالوصول نحو هدف مرئي وفق تعليمات صوتية مُحددة، وقيامهم بخطوات ناجحة عكس الآخرين، ممن لم يلتزموا بما يطلب رغم وصولهم للهدف.
من يدري ربما نجد غداً أنَّ من أهم شروط التوظيف (إصابتك بمرض السير أثناء النوم) لأنَّك ستكون موظفا مثاليا للتنفيذ عند المدير المُفكر، بينما لن يرحب بك المدير الكسول كونه بحاجة (موظف مفكر), تبدو المسألة جدلية وتعود بنا للمربع رقم واحد أعلاه.
وعلى دروب الخير نلتقي.