عبده الأسمري
انساقت بعض الأسر وراء ما يسمى بـ«الإعلام المحافظ» الذي يظهر مجموعة من الشباب وهم يتبارون في الرقص المتخلف وفي النكات «السخيفة» والتصرفات الغبية خالطين فيها بعض المفاهيم الدينية أو النصائح الشرعية التي حفظوها أو قرأوها قبل دخولهم البرامج مع سلوكيات غريبة مريبة.. ومن ثم تختلط المفاهيم وتمتزج القيم بالسفاهة. فيتشكل لدى المشاهد والمتابع صراع كبير قد يؤدي بالأجيال إلى تشرب الشخصية كاملة بسخفها وهزلها دامجا ذلك بالهيئة الدينية الوهمية.
الأدهي والأمر أنه كل منتمٍ لهذه القنوات ممن أسمت نفسها محافظة ووصفت منهجها بالمحافظ يسمون أنفسهم بالإعلاميين والمدربين وحتى الخبراء في انتهاك لخصوصية الإعلام وقفز على أسوار المنطق .
انتقلت حمى «الإعلام المحافظ» إلى قنوات عدة بمسميات مختلفة مروجة للمسابقات والأنشطة التي تحمل في طياتها «السذاجة» والهرج والمرج وما أن يقوم أحد المنتمين لهذه البرامج بأي نشاط حتى يقال عنه «المشهور الفلاني» ليس ذلك فحسب بل ويتم تلميعه من زملائه بأنه «جوهر الإنشاد» أو «بطل المسرح» أو «خبير الإعلام» أو «مشهور المجتمع» أو «كبير المدربين « كل ذلك يتم وراء شاشة فضية يتابعها الآلاف ممن يتشربون هذا الهراء والافتراء .فيوهم بعض الخارجين من بوابة الإعلام المحافظ أنفسهم بأنهم «إعلاميون» ويروج لنفسه ذلك فيصفق له جمع ممن هم في ذات الإطار من الوهم..
وبطبيعة الحال عندما يشاع الوهم فإن مساحاته ستصل إلى أكبر عدد من السائرين في حلقة التهريج ومن ثم يتبعهم حاملي نفس المنهج فتزداد الأعداد مما شكل لدينا ظاهرة يجب الوقوف معاها بحزم وجزم.
في حيثيات البرامج الصادرة من القنوات المحافظة «وفق تسمية ذاتية» من أصحابها وملاكها وموظفيها سلبيات متعددة فكل شهر تزداد أعداد المهرجين وتتزايد مساحات «الهزل» ويدخل المشاهدون خصوصا من أصحاب النظرات «الجامدة» أو الفكر المحدود في انجذاب وتقوقع وانغلاق على برامج تحمل في طياتها «البؤس» وتسوق للترويج لنفسها واضعة جيلا كاملا في فهم خاطئ لمفهوم الإعلام المحافظ وفي صراع دائم بين الرؤية والتنظير لها وما بين مخرجات لا توازي ولا تمت للمسمى بأي صلة.
لقد صعقت عندما شاهدت مقطعا يقول فيه «أحد الحاضرين المعروفين «لمجموعة من مروجي التهريج بأنهم قدوة.. وأي قدوة تلك من تصدر الضحك والسخف .هل ندرت أو انعدمت البرامج الدينية والعلمية والثقافية والتربوية واختفى أصحاب العلم والهمم. على الأسر وأربابها ورباتها ممن يقومون على تأسيس لبنات التربية في أبناءهم ومتابعة سلوكهم وتوجهاتهم أن يختاروا لهم البرامج الموضوعية وأن ينتقوا من عشرات المحطات ما يوازي تنمية الفكر ونماء العقل وتطوير السلوك بدلا من تعلقهم ببرامج تحمل السذاجة عنوانا والسخف تفاصيلا تحت «كذبة» الإعلام المحافظ.. فالإعلام رسالة سامية يحمل مهاما تنويرية وليس شرطا أن نتمسك بمفهوم الإعلام المحافظ كمفهوم جائل ضبابي علينا الارتكان إلى نوعية الطرح ومضمون المنتج بعيدا عن الولوج في مساحة بائسة هزيلة تخرج لنا أجيالا موبوءة بالتهريج متأثرة بالغوغائية والعشوائية والهزل.