يوم الثلاثاء الموافق الرابع من محرم 1439هـ انتقل إلى جوار ربه الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان عليه شآبيب الرحمة من رب العباد وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وبفقده فقدنا عالماً بارعاً متواضعاً، وبفقده فقدت صديقاً عزيزاً كنت أحتسبه كأحد إخوتي، وقد عرفته حينما كان طالباً يدرس بمعهد دخنة بالرياض زميلاً لعمي صالح بن محمد التويجري الذي كنت أسكن معه كعزاب في غرفة لصيقة لمسجد أم ماجد في مليحة جوار مزرعة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود وكان بين فترة وأخرى يغدو إلينا ونجتمع سوياً في تلك الغرفة لنشرب الشاي ونتبادل الكلمات والبسمات والنكات ونتحدث عن الدراسة في أوقات مختلفة (بعد العصر - أو المغرب - أو العشاء) فيما بين 1376- 1382هـ وبكل صراحة أقول: كان خفيف الدم لديه من النكات ما ليس عندنا، وبعد رحيلنا من تلك الغرفة نظراً لزواجنا جميعاً استمر الجميع في تبادل الزيارات على الرغم من تباعد مساكننا وانشغاله مع ذوي الحاجات، وكان له- رحمه الله- مكتب جوار منزله يستقبل فيه ذوي الحاجات وحينما أزوره بمكتبه أجد عنده من كل الأجناس فهذا سعودي وذاك سوداني والآخر يماني ومصري وباكستاني وهندي كل يدلي بحاجته لفضيلته، فهذا يريد جاهاً والآخر عقد نكاح وذاك يريد تعريفاً ورابع يريد تصديقاً على أرواق ثبوتية لأمر ما، والكل يخرج من مكتبه راضيا يلهج لسانه بالدعاء له وعلى مسمع من الحاضرين، بل كان يستقبل بعضا من ذوي الحاجات بمسجده أثناء إلقائه بعضاً من الدروس، وكان- رحمه الله- قد حصل على بكالوريوس الشريعة من كلية الشريعة بجامعة الإمام، عام 1386هـ، وفي عام 1391هـ، حصل على الماجستير في الفقه المقارن في موضوع الإيضاح في شروط النكاح»، وحصل على الدكتوراه من قسم الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء بالرياض في موضوع: النية وأثرها في الأحكام الشرعية، عام 1403هـ. وكان مدرسا بجامعة الإمام وله مكانة بين طلابه إلى أن أتم السن النظامية فتقاعد وأصبح متفرغاً لقضاء حاجات الناس إلى أن تأثرت صحته وأصبح عاجزاً عن خدمة إخوته المحتاجين، وحقيقة أن من حضر للصلاة عليه هاله كثرة المصلين عليه كباراً وصغاراً مواطنين ومقيمين حتى لقد شاهدت عدداً من ذوي الحاجات الخاصة وهم على عرباتهم وقد امتلأ المسجد وكل الباحات التي حوله، بل أخذ المصلون جزءاً كبيراً من شارع أمير المؤمنين عثمان بن عفان- رضي الله عنه- حتى لقد أوقالسير في مسارين أو ثلاثة مما يدل على كثرة المصلين من محبيه، فاللهم ارحمه وأسكنه جنات الفردوس يا رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
** **
- صالح العبد الرحمن التويجرى