عبد الله باخشوين
خلال فترة الانتداب ((البريطاني)) على اليمن ((الجنوبي)) ومنطقة الخليج التي امتدت من عام 1839 إلى عام 1967 بالنسبة لعدن.. ولفترة زمنية تسبق هذا التاريخ بنحو خمسين عاماً بالنسبة لبقية منطقة الخليج وفق معاهدة مع سلطان عمان عام 1798.. أما العراق والصومال وصولاً إلى مصر وفلسطين.. وغيرها.. فإن الحكاية -بحكم سخونة أحداثها- باتت معروفة جداً.
غير أن الحديث عن ((ميناء عدن)) يتخذ أهمية من كونه على اتصال وثيق جداً بحركة التجارة في أسواق المملكة عبر ميناء جدة ليشمل كل المنطقة الإسلامية المقدسة التي تضم الحرمين الشريفين.
وتأتي أهمية ((ميناء عدن)) الاستراتيجية من كونه يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي ويدار بإشراف حكومة بريطانيا في بومباي أو ما يسمى بـ((الهند البريطانية)).
وكان أكبر مركز تجاري في الخليج والجزيرة العربية.. حيث إن معظم ما يصل إلى المملكة من بريطانيا والهند.. كان يمر عبر هذا الميناء المركزي. وغني عن القول إن كل التجار الحضارم الكبار الذين نشئت تجارتهم بين المكلا وعدن.. عمدوا إلى فتح ((فروع)) رئيسية لأعمالهم بين مكة وجدة.. قبل أن تتحول هذه بدورها إلى مراكز رئيسية عقب انسحاب بريطانيا في عام 1967 واستيلاء القوميون العرب بقيادة قحطان الشعبي على جنوب اليمن ثم انفراد الحزب الاشتراكي اليمني بمقدرات الحكم فيه.. وكان أهم إنجاز للملكة العربية السعودية هو اكتمال إنشاء ميناء جدة الإسلامي الذي أكد استقلاليتها التجارية عن كل ((التوابع)) المحلية داخل الخليج والجزيرة العربية.. هذه الخطوة المركزية هي أهم خطوة يمكن القول إنها أكدت غروب شمس ميناء عدن إلى أجل غير مسمى.. فقد تحولت التجارة بين المملكة وأسواق العالم إلى تجارة مباشرة.. لا تمر عبر أي وسيط ثالث سواء كـ((خط سير)) أو كوسيط تجاري.
هذا الكلام غير المتخصص الذي يعمد للقفز فوق التسلسل التاريخي العلمي الدقيق.. هو كلام تحتمه الضرورة في الكتابة الصحفية التي تهدف للوصول إلى النتائج، تاركة مجال البحث العلمي لأهل التخصص.. لكنه يطمح للذهاب إلى مقولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول نشوء التطرف في عام 1979.. فبعد أن فشلت كل وسائل ((المؤامرات)) التي تبنتها ووجهتها الأنظمة ((الثورية واليسارية)) لمحاولة التأثير المباشر وغير المباشر على المملكة التي امتلكت كل مقدرات ثرواتها وموانئها وأسواقها.. وبعد أن تأكد استقلالية مواقفها السياسية من كل القضايا العربية والإسلامية.
أوجدت قوى الشر العالمية أعداء ((عرب)) أقوياء عسكرياً وإعلامياً في العراق وسوريا وليبيا ومصر والسودان.. وغيرها من الدول التي تبنت الأفكار المعادية لـ((استقرار)) المملكة.. مما أدى لتشجيع ظهور تيار يدعو إلى تبني رد سعودي قوي يقوم على التذكير بالدور الإسلامي المركزي للمملكة, في خدمة الإسلام والمسلمين.. ودورها في الحرص على حراسة القيم الإسلامية.. وتسهيل قيام المسلمين بأداء فروضهم وواجباتهم الدينية.
غير أن هذا التذكير الذي تبنته المملكة.. أدى لظهور تيار متطرف سعى جاهداً لاستغلال هذه ((الصحوة)) لنشر أفكار التطرف والإرهاب.. وطبعاً بقية فصول الحكاية أصبحت معروفة للجميع.
لذا يصبح الحديث الحاسم والجاد الذي يؤكد أن المملكة هي دولة التسامح والوسطية.. ليس مجرد شعار.. لكنه قرار جماعي يتبناه ويعمل من أجل تحقيقه كل أبناء المملكة الذين يقودهم سلمان الحزم ومحمد المستقبل.