سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يكن ثناء رئيس مجلس إدارة المشروع الوطني للوقاية من المخدرات «نبراس» -الأستاذ- عبدالإله بن محمد الشريف لشركة سابك، على الجهود التي قدمتها الشركة، ودعمها لبرنامج «نبراس» -خلال الفترة الماضية-، سوى ترجمة حقيقية لدور الأفراد، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والتشريعات الحكومية في المساهمة في عملية التنمية المستدامة، من خلال غرز القيم الأخلاقية، والإنسانية في المجتمع، والمساهمة في تحسين قطاعات مختلفة، مثل: التعليم، والصحة، والبيئة.
أحسب أن «المسؤولية الاجتماعية» باتت عنصرا مهما من عناصر الارتقاء بالنهضة الاقتصادية في المملكة، فهي رسالة صدق، وخدمة إنسانية، تهدف إلى تحسين حياة الناس. ولذلك فوائد كثيرة، منها: تعزيز مكانة الشركات، والمؤسسات، وغيرهما لدى الجهات الرسمية، وتعزيز دورها للحفاظ على عملائها، وجذب عملاء آخرين، والحفاظ على موظفيها المتميزين، وبناء الثقة بينها، وبينهم لضمان مستقبل أفضل، وتوطيد العلاقات بينها، وبين المجتمع.
دور شركة سابك في متابعتها الحثيثة؛ لإنجاح فعاليات البرامج المختلفة التي دعمتها الشركة، ولأعضاء فريق «نبراس» كافة، وما حققته من نجاحات في برامج المسؤولية الاجتماعية، -إضافة- إلى مبادرات سابك في هذا المجال، ومنها: مشاركتها الفاعلة في المشروع الوطني للوقاية من المخدرات
«نبراس»، والنجاحات الكبيرة التي حققتها في ذلك الاتجاه، تترجمها الأرقام على أرض الواقع، وهو ما أكده مدير عام إدارة المسؤولية الاجتماعية الدولية في شركة سابك -الأستاذ- يعرب الثنيان، بأن الشركة أنفقت على برامج المسؤولية الاجتماعية من عام 2004م، وحتى الآن 2.8 مليار ريال، حيث رصدت 50 مليون ريال للبرامج الوقائية، وكذلك مبلغ 300 مليون ريال لإنشاء «مستشفى للصحة النفسية، وعلاج الإدمان» بمدينة الرياض، -بالإضافة- إلى إنشاء «مركز منتصف الطريق»؛ لمساعدة المتعافين من الإدمان بقيمة 15.000.000 ريال بالدرعية.
إن الوعي المرتبط بمفهوم «المسؤولية الاجتماعية» لدى جميع أفراد المجتمع بمختلف طبقاته، وشرائحه، وطبيعة تكوين مؤسساته، والتأكيد على أهمية الشراكة الفعالة بين القطاعين -العام والخاص-؛ للنهوض بمستوى المسؤولية الاجتماعية، والارتقاء بمستوى الأداء مطالب مهمة -ولا شك-. ولا يكون ذلك إلا بوضع استراتيجية وطنية «للمسؤولية الاجتماعية»؛ لإعداد البحوث، والدراسات الخاصة؛ من أجل دراسة احتياج المجتمع. كما نتطلع إلى مبادرة تشمل برامج، وندوات تثقيفية موجهة إلى شرائح المجتمع كافة توضح لهم مفهوم «المسؤولية الاجتماعية»، والدور الذي تلعبه في تحقيق الاستقرار، واعتبارها استثمارا اجتماعيا ناجحا، ومساهمة مباشرة لمستقبل الوطن، من خلال بناء المجتمعات، وصناعة الإنسان. ومن صور ذلك: محاربة الأمية، ونشر العلم، وتنمية الموارد البشرية عن طريق تدريب الشباب، وتأهيلهم، ودعم البحث العلمي، وتوفير بيئة عمل ملائمة، والمساهمة في ترسيخ الهوية الوطنية، والارتقاء بمستوى المعيشة عن طريق مكافحة الفقر، ومواكبة التطورات الاقتصادية، والتقنية.
يؤسفني أن أقول: إن ملامح تلك العبارة لم تتحدد بعد بشكل واضح، وخذ على ذلك مثالا: فبعض الشركات، والمؤسسات، والبنوك التي دعمتها الدولة بشكل -مادي ومعنوي- لسنوات طويلة، في ظل الازدهار الاقتصادي، والاستقرار المالي، والأنظمة المحفزة، -خصوصا- في عدم فرض الضرائب، قد تضاعفت أرباحها الضخمة، وانتفخت جيوبها، وفاضت من العوائد المادية، إلا أنها -في المقابل- لم تقدم سوى الشيء اليسير للمجتمع، كتقديم تبرعات نقدية -بسيطة جدا- لبعض الجمعيات الخيرية. بل إن نسبة الشركات المسجلة رسميا في المملكة، والعاملة فيها، التي تطبق مبدأ -المسؤولية الاجتماعية- تصل إلى «21 في المائة» -فقط-. أما باقي المؤسسات فلم تنذر نفسها للأعمال الاجتماعية، بل لا تزال في حدود الإعراب عن النوايا الحسنة -فقط-، وأخذت في ذر الرماد في العيون. وأذكر جيدا، أن أحد البنوك المحلية رفض أن يتنازل عن قرض لرجل أمن استشهد في المواجهات مع الفئة الضالة، وقامت الجهة المعنية بالدفع للبنك وفاءً للشهيد ولعائلته، لا يرقى الواقع الذي نعيشه -اليوم- إلى مفهوم «المسؤولية الاجتماعية» عمليا، ولا إلى مستوى الرصيد من الإرث الإنساني، والديني، والقيمي، فهو دور غير ملموس، إذ لا تعدو كونها محاولات قليلة. ويغيب هذا المفهوم لدينا بشكل واضح، إما لقلة الوعي فيما يتعلق بثقافة «المسؤولية الاجتماعية»، وإما لخلط مفهوم «المسؤولية الاجتماعية» بالتبرعات الخيرية، وأنها تدخل في مفهوم الزكوات، والصدقات. وهذا فهم خاطئ، «فالمسؤولية الاجتماعية» هي التزامات مستحقة على القطاع الخاص للمجتمع الذي تعمل فيه، لا علاقة له بمفهوم الإنفاق.
كم نحتاج لتلك الجهود اليوم في ظل غياب مفهوم «المسؤولية الاجتماعية» في مجتمعنا، -لاسيما- وأنها تقتضي الذهاب إلى أبعد مما يطالب به النظام؛ من أجل المساهمة في الصالح العام للمجتمع، حتى ينعم بالازدهار، والنمو الاجتماعي للأجيال القادمة، والسير نحو قضايا مهمة تشكل منعطفا حقيقيا في الحراك الاجتماعي النهضوي، والتنموي بمختلف تطبيقاته الفعلية على أرض الواقع؛ لإحداث التغيير الإيجابي.