«الجزيرة» - علي الصحن:
تواصلت مبادرات وقرارات معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة الأستاذ تركي آل الشيخ الرامية لتطوير الرياضة السعودية، وتأسيس بنية جديدة صلبة تقوم عليها، والاحتفاء برموزها، وتكريم المبدعين من أبنائها، لتواصل الرياضة ريادتها وحضورها، ولتؤكد للجميع أن الرياضة في النهاية هي رسالة حب وسلام وليست مجرد تنافس داخل الميادين والصالات، وأهل الرياضة ونجومها، ومن ساهموا على نحو ما في صناعة تاريخها، ليسوا مجرد أرقام تنتهي بعد أن ينتهي دورها في عجلة الزمن، بل رموز يحفظ لهم الوطن صنيعهم وإنجازاتهم وأفعالهم، وكل ما قدموه من عطاءات وبذل بصور مختلفة.
في مداخلة مع برنامج كورة الذي تذيعه قناة روتانا خليجية، فاجأ رئيس هيئة الرياضة الجميع، وهو يعلن على الهواء مباشرة تكريم اللاعب الدولي السابق فهد الهريفي الذي اعتزل ملاعب كرة القدم قبل نحو (16) عاما، بدا أن الأمر يتم بعفوية ودون تخطيط مسبق، وهو ما أضاف له طابعاً فريداً صفق له الجميع، بغض النظر عن اتفاقهم واختلافهم مع الهريفي، موقف لا يعد مجرد إعلان التكفل بمهرجان اعتزال لاعب سابق فقط، فذاك في النهاية أمر قد لا يهم الجميع، الموقف الحقيقي هو ما يقرأه الناس بين السطور، ويدركون أنه عناوين حقيقية لمستقبل رياضة مشرق يحتفي بالناجحين ويكرم المبدعين ويُعنى بكل البارزين.
لقد رسم تركي آل الشيخ بإعلانه تكريم فهد الهريفي، ثم الإعلان عن تكريم فؤاد أنور في ملعب الجوهرة، خارطة طريق جديدة لكيفية تعامل المؤسسة الرياضة مع نجوم الماضي والحاضر، وأسس مفاهيم جديدة تجعل اللاعب يدرك أنه محط اهتمام وتقدير القيادة التي تتعامل مع الجميع بنظرة واحدة وبُعد واحد، فكل من خدم الوطن تحت عينها ومحل تقديرها ومحط اهتمامها.
في مداخلة تركي آل الشيخ قال معاليه: (مبادرة مني إذا قبلها أخوي فهد، ودنا إن هيئة الرياضة تعمل له مهرجان اعتزال يليق فيه، يختار الوقت والتاريخ والفريق اللي يبغى يلعب معاه واحنا جاهزين، مهرجان يليق بشخص خدم الكرة السعودية وخدم ناديه، وأنا أشوف أن هذا شيء بسيط نقدر إننا نقدم له، وأدعوا زملاءه اللي خدموا المنتخب واللي خدموا الأندية ولا حصلوا على تكريم إنهم يمكن يتواصلون مع الأخ رجا - السلمي - ونشوف وش نقدر نسوي).
من سمع المداخلة أو قرأ اسطرها الوارد أعلاه يدرك أن رئيس هيئة الرياضة لم يعلن تكريم الهريفي ثم يترك الباب مشرعاً للأسئلة والاستفسارات، ومختلف التفسيرات، بل كان واضحاً ومباشراً وهو يقول: (دعوا زملاءه اللي خدموا المنتخب واللي خدموا الأندية ولا حصلوا على تكريم إنهم يمكن يتواصلون مع الأخ رجا ونشوف وش نقدر نسوي)، أي أن التكريم لن يكون مقصوراً على الهريفي الذي صادف اتصال معاليه وجوده في الاستديو.
ما فات ما مات
ما فات ما مات عبارة مباشرة وصريحة لرئيس هيئة الرياضة، وهي جملة لا تحتمل معاني التهديد بالمحاسبة فقط، بل في طياتها الوعد بالتكريم والتقدير أيضاً، فمن فات تكريمه والاحتفاء به لم يمت حظه ولا قيمته عند المؤسسة الرياضية الرسمية، ومعالي رئيس هيئة الرياضة كان واضحاً وهو يوجه الدعوة لكل لاعب خدم المنتخب وناديه ولم يحصل على تكريم أن يتواصل مع الهيئة للنظر في ما يمكن أنه يقدم له.. والكرة الآن في مرمى اللاعبين، فمن يرى أنه يستحق التكريم فليبادر، ومن المؤكد انه سيكون محل عناية الهيئة واهتمامها.
نجوم تستحق التكريم
هنا نستعيد بعض الأسماء التي ألقت عصيها في ملاعب كرة القدم، وغادرت دون أن تحصل على تكريم كاف يوازي ما قدمته في ملاعب كرة القدم، وأقول بعض الأسماء لأن من الصعوبة الإحاطة بالجميع.
ففي هذا الصدد يبرز أسم اللاعب السعودي الشبابي سعيد العويران، والذي يكاد يكون اللاعب السعودي الأشهر بعد هدفه العالمي النادر في مونديال 94 ، عندما تلاعب بالمنتخب البلجيكي اللاعب تلو اللاعب قبل أن ينفرد بالحارس ميشيل بودروم ويتجاوزه مودعاً الكرة في الشباك في لقطة ما زالت مع هدف مارادونا في المرمى الانجليزي في مونديال (86) تتردد قبل كل مونديال.
ويبرز أيضاً اسم الحارس عبد الله الدعيع الذي لمع نجمه بداية في النادي الطائي والمنتخب السعودي، وقدم نفسه بكل ثقة في بطولة أمم آسيا، وساهم في الفوز بأول ألقاب الأخضر القارية، ثم المساهمة في الفوز بكأس أمم أسيا التاسعة ويحوز لقب سيد حراس آسيا، قبل أن ينتقل بعدها بسنوات إلى فريق الهلال ويسهم معه في عدة بطولات محلية وإقليمية.
ويبرز أيضاً اسم اللاعب الهلالي سعد مبارك الذي غادر بهدوء بعد توالي الإصابات بعد أن خدم الأخضر طويلاً وساهم في حصوله على كأس آسيا التاسعة (88) مع كارلوس البرتو بيريرا، ويثمن التاريخ لسعد مبارك هدفه الشهير في مرمى العربي الكويتي، ففي ليلة ربيعية ماطرة ومدرجات الملز تضيق بمن فيها، كان الهلال بحاجة لهدف وحيد فقط يحسم به اللقب الخليجي، توالت الفرص الهلالية المهدرة في ملعب أشبه ببركة ماء، ووسط واستبسال من مدافعي الفريق الكويتي، كان سعد يعتلي لكرة عرضية وضعها في المرمى ليحقق الهلال أول ألقابه الخارجية، وينظم أول جوهرة في عقد بطولات مرصع بكل ثمين.
ومن النجوم أيضاً هناك الدولي الشبابي فهد المهلل صاحب الحضور الزاهي مع فريقه ومع المنتخب، وللمهلل مشاركات فاعلة ومساهمة لا تخفى في تحقيق المنتخب عدة انجازات أبرزها بلوغ مونديال 94 والفوز بكأس أمم آسيا 96 وله في هذه البطولات أهداف مهمة، وبصمات مميزة أبرزها هدفيه في مرمى منتخب إيران ومرمى الصين، والمعروف أن المهلل قد أنهى مشواره في الملاعب بنفس سيناريو رفيق دربه فؤاد أنور، حيث خاض تجربة قصيرة لم تحقق طموحاته، ليغادر المعشب الأخضر بهدوء وبسجل مميز يستحق الاحتفاء.
تكريم مستحق للنجوم
القارئ لقرارات معالي الشيخ تركي آل الشيخ يدرك أنها قرارات قوية وموجهة ولا تقبل التأجيل، ويلاحظ أيضاً أن معاليه في كل قرار يسند الأمر لأهله، ويضع مدة محددة للتنفيذ، وما من شك أن تكريم من يستحق من النجوم وفي مقدمتهم فهد الهريفي سيكون بنفس الصيغة والتوجه ولن يتأخر، وانه سيتم في الوقت المناسب.
في هذا الصدد نرى أن تدرس الهيئة العامة للرياضة أمر تكريم المنتخب الخالد الذي ضم نخبة الأسماء التي نسجت خيوط أول انجاز تاريخي للكرة السعودية وهو الفوز بكأس أمم آسيا 1984م، ذلك الفريق الذي صنع المعجزة وعاد من سنغافورة بكأس آسيا وهو الذي ذهب إليها بهدوء ودون ترشيحات مسبقة، ومن المؤكد هنا أن الفريق الذي ضم الرعيل الأول من أسماء الانجازات الكروية السعودية جدير بأن نحتفي به وان نقدمه للأجيال الجديدة، بقيادة مدربه الوطني خليل الزياني وقائده صالح النعيمة ونجومه (عبد الله الدعيع منصور المنصور والبيشي وعبد الجواد وصالح خليفة وشايع والجمعان والمصيبيح...الخ)... وكلنا ثقة بأن هيئة الرياضة لن تبخل على الجيل القديم بالتكريم وعلى الجيل الجديد بأن يشاهد ما فعله السابقون ممن نقشوا أسماءهم في صفحات الذهب الأخضر، وطبعوا اسم السعودية على إنجازات عظام تستحق الوقوف عندها طويلا.