«الجزيرة» - المحليات:
أكد معالي الشيخ أ.د. سليمان بن عبدالله أبا الخيل، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء، أن تاريخ الأمم تصنعه منجزاتها وإضافاتها الخيرة والمضيئة إلى سجل ولبنات الحضارة البشرية التي تضيف إبداعاً ومنجزاً يخدم البشر ويُسهم في رفاهية مجتمعاتها وتحقيق تطلعاتهم وآمالهم بنظرة متفائلة جادة، وعزيمة رجال جسورين لا يعرفون المستحيل، يخوضون غمار التطوير ويقتحمون حلقة الاختراع والمدنية بما يحافظ على أمنها وأمانها ووحدتها واستقرارها ومقدراتها ومكتسباتها ومقدساتها.
وأضاف معاليه: إن ما أعلن وكشف عنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في مشروع مدينة (نيوم) ليشكل سلسلة نجاحات وخطط عملية على أن ما تشهده بلادنا من نجاحات وتطورات على جميع الأصعدة ما هو إلا نتاج فكر نيّر، ودراسة متعمقة، وبصيرة نافذة، وتطلعات فريدة، استمرت أعواماً وشهوراً من الإعداد والتجهيز لبناء مستقبل زاهر مبهر تقوده كوكبة من شباب المستقبل وعتاد هذه الأمة وعمادها.
إن مشروع (نيوم) مشروع جبار بكل المقاييس لا يبدأ من جديد في بناء صرح مدني عادي، بل هو مشروع ينطلق من حيث انتهى الآخرون ويقفز بالمملكة عدة عقود مستقبلية في بناء حضارة جديدة قيامها نظرة متفائلة وفكر وسطي معتدل يحقق رسالة الإسلام للبشرية لعمارة الأرض ودعوة الله للأمة أن «اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم»، ويضع النقاط على الحروف في الوقفة الصارمة والحازمة والصريحة من دعوات وجماعات وتنظيمات الإسلام السياسي المتطرفة لردعها وجعلها تقف عند حدها ولينقي مجتمعنا ويحصنه من براثنها وشرورها بأسلوب شرعي علمي اجتماعي تربوي وسياسي اقتصادي وبطريقة يتمناها كل مواطن صادق ومخلص ويفرح بها كل مسلم يعرف حقيقة الإسلام وسماحته ودعوته إلى التعايش والتعارف وما تضمنته مبادئه وحقائقه من العدل والرحمة والبر والإحسان والتعاون على التقوى والخير مع المسلمين وغير المسلمين بما ندب إليه وأكد عليه من احترام حق الإنسان بغض النظر عن لونه وشكله وموقعه ودينه، مشروع يُلقي الضوء على قدرة هذه البلاد وقيادتها التي اتخذت من القرآن الكريم دستوراً لها وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- منهاجاً قويماً راسخاً تستلهم منه العبر وتستفيد منه الدروس في كل ما يحقق لها الفضائل والشمائل والكمائل والمحاسن ويرفع منزلتها ويعلي شأنها بين الأمم جميعاً مما شهد به القاصي والداني وأقر به العدو قبل الصديق، مع الأخذ بأسباب التطور وروح العصر والنمو والتقدم والحضارة بخطى واضحة وبخطط ورؤى استراتيجية واثقة على رأسها وفي قمتها رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، وهذه الخطوات الجبارة تتواكب وتتناغم وتتكامل مع ما يدعو إليه ديننا الحنيف من النماء والعطاء والتطور والمدنية والحضارة ويضرب مثلاً عظيماً وواضحاً للأمم الناظرة والمتطلعة من حولنا على سماحة ديننا وانسجامه ومناسبته مع مصالح البشر في كل زمان ومكان وفوق كل أرض.
فالرائي والمستمع والمتطلع والمتأمل لما قاله سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد -حفظه الله- في كلمته التي لخصت رؤية عظيمة لهذه المدينة الحديثة المتطورة التي ستوفر لبلادنا فرصاً عديدة ومتنوعة وكثيرة لتكون ملتقى للقارات وهمزة وصل في عدد من مجالات التقنية وصناعات الإنسان الآلي الـ»روبوت» وصناعة الطاقة الشمسية، والصناعات الحاسوبية الدقيقة، وأنظمتها المدنية ولوائحها الملائمة لها، وما اختيار موقعها في شمال المملكة العربية السعودية لتكون حلقة وصل بين مختلف الحضارات والمدن والاقتصاديات المتنوعة في الغرب والشرق والشمال والجنوب من هذا العالم الذي أصبح بمثابة قرية بل غرفة صغيرة كلٌّ يعرض فيها بضاعته، ونحن كنا ومازلنا سباقين في صناعة الحضارة، وقاد السابقون من المسلمين من أجدادنا حضارة العالم ما يقارب الألف عام كانت فيه مدارسنا ومساجدنا ومحاضن التعليم والتربية مركز إشعاع ونبراس ينير ويضيء الطريق لكل مستفيد من جميع أمم الدنيا تزخر بالعلوم والمعارف والفنون وجميع التخصصات الشرعية والعربية والاجتماعية والاقتصادية والطبية والصحية والهندسية والفلكية والجغرافية والتاريخية وغيرها من العلوم المتميزة وعالية الجودة المتفوقة والمتطورة للعديد من الدول الأوروبية التي كانت تحرص على ابتعاث أبنائها للدراسة والترجمة واكتساب العلوم في مدارس المسلمين في عصور النهضة.
من هنا ونحن نستشرف هذه الرؤية الممنهجة والعميقة والطموحة لبلادنا ولشبابنا على يد أحد أبنائها المخلصين، والذي وضع أمام ناظريه رؤية وتحديًّا لينتقل ببلاده من بلاد تعتمد على النفط في تلبية احتياجاتها فيما سبق من عمر الزمن إلى اقتصاد متطور متنوع يصنع وينتج وينافس دول عريقة سبقته في هذا المجال بعشرات السنين، فقد حبا الله بلادنا بثروات عديدة في مجال الطاقة الشمسية على كل ترابها، وغيرها من المصادر المهمة والمتنوعة كالرياح والطاقة بأنواعها، وبمعادن وثروات أخرى كثيرة تشكل في مجملها إما كل أو جزء من صناعة دقيقة أو نادرة تحتاج إليها المدنية في صناعة حضارتها وتلبية مطالب شعوبها، بخلاف النفط، مما يعكس التطلعات الرائدة والعميقة والآمال البعيدة لسمو ولي العهد الأمين سيصبح اعتماد بلادنا عليه مكمل لغيره من الثروات والصناعات التي ستخلقها رؤية 2030.
وفي نهاية تصريحه قال معالي دكتور أبا الخيل: وفي خضم فرحنا بهذه البشائر والرؤى والتفاؤل بمستقبل مزهر لأبنائنا لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر لله سبحانه وتعالى أولاً ونلهج بالدعاء والتضرع لله أن يحفظ لهذه الدولة الفتية التي حققت في مدة قصيرة معجزة زمنية كبيرة ورائدة في عمر الأمم، ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وولاة أمرنا وبلادنا وشعبنا ومقدراتنا وثرواتنا، وأن يحفظ قادتها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وأن يمدهم بالعون والتوفيق والسداد في كل أمر وشأن.