د.ثريا العريض
أعود إلى الكتابة في مرحلة محورية من حركة تاريخنا الجاري. إذ عايشت في الأيام الماضية مؤتمر الاستثمار الذي تم في الرياض، والحوارات المكثفة حول تفاصيل مشاريعه داخليا وخارجيا.
مؤخرا اتصل بي عدد من وسائل الإعلام الفضائية العالمية المتابعة باهتمام إعلامي ظاهر لمستجدات القيادة والتطورات المجتمعية في المملكة العربية السعودية، ليسألوا عن تناسق الحقيقة والتصريحات، خاصة ما يتعلق برؤية 2030 وتفاصيل استراتيجيتها، وبالذات تمكين المرأة وتفعيل الشباب وتوطين المهارات وضبط التنفيذ على أرض الواقع. ثم يعلق التساؤل الملغم بمشاريع التنمية المستقبلية المعلنة رسميا خاصة بعد مؤتمر مبادرة المستقبل للتنمية والاستثمار.
مذيعة من أحد هذه الفضائيات الغربية صاغت السؤال بصورة لم تعجبني محاولة دس إجابة متحيزة في طيات سؤال يتدثر بالمهنية الإعلامية: «هل هذه المشاريع جادة؟ وهل ترين - في إطار كونك متخصصة في التخطيط وتجربتك كمسؤول في صنع القرار وعضوية سابقة في مجلس الشورى - أنها خطوات واقعية وصادقة في أهدافها ومبرراتها المعلنة؟ أم أنها جاءت لإرضاء ضغوط من جهات خارجية؟».
هذا الموقف المسبق محملا بالتشكيك وتهميش أهمية ومصداقية ما يجري، له أيضا بعض من يتحجر فيه داخليا. ولكني شخصيا ألامس في التعبير الواضح المباشر خارج الديباجة الإنشائية صدق الإرادة والإدارة، وحيوية الحزم والعزم الذي نأمل أن يحقق أهداف الرؤية، وينجح استراتيجيتها، ويجسد قراراتها واقعا ملموسا على أرض مثمرة. هل في انطباعي شيء من الحلم؟ نعم بل وإيمان بقدرة تحقيقه بالعزم الصادق.
مثل كل المواطنين والمواطنات المهتمين، تابعت مجريات مؤتمر التنمية.. وعند كتابة هذا المقال هو اليوم الأخير من الأيام الثلاثة المحددة له.. ولكن الحوار حوله سيستمر طويلا بين المواطنين، وكذلك بين المهتمين والمتخصصين داخلياً وعالمياً.
أجزم أن أهم ما جاء في جلسات اليوم الأول كانت تصريحات سمو ولي العهد التي أعلن فيها بداية حقبة جديدة، ونهاية النفق الذي امتصتنا فيه الصحوة إلى عتمة التطرف وغياهب الإرهاب، وأبقت مجتمعنا رهينة فيه لثلاثين عاما. الحمد لله أن الرؤية الواضحة للقيادة الحكيمة المتجذرة في اتساع وعمق الثقافة الحضارية للملك سلمان، وفي توجه الحزم القيادي والعزم الشبابي وبعد النظر المستقبلي الذي اتسمت بها قرارات ولي العهد، هذه الرؤية الطموحة المتفائلة تخرجنا الآن إلى النور الذي يوصل للمستقبل، وتطمئننا أنها ستنهي التطرف والإرهاب، وترفض استمرار الجدل الشكلي الفارغ لثلاثين عاما أخرى يضيع فيها ريعان أحلام وطموحات الجيل الحاضر.
تأكيدات الأمير كانت مقدمة مكثفة تضع النقاط على الحروف، انطلق الحوار بعدها إلى المشاريع الفعلية القادمة القائمة على أرض وشمس المملكة وشواطئها وجبالها وملايين شبابها من الجنسين وكل نقاط قوتها بما في ذلك اجتذاب المساهمين من الداخل والخارج للمشاركة: «نيوم» في أقصى الشمال الغربي لتأسيس مدينة تنهض من الصفر إلى تحقيق أحلام الخيال العلمي، و«القدية» في جنوب الرياض التي ستقدم لمفتقدي الفرح والترفيه فرصة الحصول عليها داخليا، ومشروع البحر الأحمر الذي سيجسد شبكة شاسعة من فرص الاقتصاد والترفيه السياحي، مستثمرا في جماليات البحر الأحمر ومستقطبا المال والأعمال.
وطن يصافح الحالمين؟؟ نعم وأنا بتحقق الأحلام الصادقة من المؤمنين.
وسأعود معكم إلى موضوعنا في حوارنا القادم.