مها محمد الشريف
نشأنا على جملة مضيئة، تعزز علاقتنا بمدارسنا وبحب العلم تلك مقولة أساتذتنا (العلم نور). ولم ينبهونا أنّ العلم نارٌ أيضاً.. تدمِّر كل شيء، وأنّ البشر الذين اكتشفوا الكهرباء قد اكتشفوا الديناميت.. فالكون الذي يزدهر ويتحرك في النور صنع له علماء البشر ما يكسوه ظلماً وظلاماً. والتاريخ هو الظرف الزمني الذي يحتوي كل هذا..
فهذه مجموعة من العلماء الفيزيائيّين الأمريكان، حددوا للزمن تاريخ انتهاء باختراعاتهم العلمية المدمرة، وهذا يشبه القفز فوق الحواجز العالية ومن ثم الارتطام القاتل، فمن إحدى الحقائق الكارثية هي القنبلة الذرية، الطاقة النووية. اختراع بالغ الخطورة في عصرنا.
لن تكف الناس عن الخوف والقلق، حتى بعد رحيل أحد علماء الفيزياء روبرت أوبنهايمر صانع القنبلة الذرية تاركاً خلفه مشهداً مثيراً من الهلع، وإرثاً ضخمًا من العبقرية التي استخدم بعضها في هلاك البشر، ولكن الدول النامية اليوم ستصلح الأخطاء تلك بتجاوزها وتتخذ مما فات دروساً وعبرها تحدد ملامح مستقبل أكثر أمناً، وهي بذلك تنهي زمناً تغيرت فيه أهداف العلم إلى مشاهدات أكثر بؤساً وألماً. ببساطة بدأت دولتنا من حيث انتهى الآخرون. إذن، انتهى الجنون وستتحول العادات السيئة إلى أخرى ناجحة وفريدة تضمن مركزاً متقدماً بين الدول والأمم.
فمن دأب الناس أن يغضبوا من أمر عالِم فيزياء عبقري سخّر المعرفة العلمية لأغراض تدميرية قدّمها لأميركا كأول سلاح نووي حاسم مدمر ولا نبالغ في القول، إذا قلنا قياساً على ما حدث بعد إلقاء القنبلة على هيروشيما في 6 أغسطس 1945، وعلى نغازاكي عقب ذلك، بأنّ أولئك العلماء كتبوا سيناريوهات تروي نهاية تاريخ البشر سريعاً.
أما الوجه الآخر في عالمنا اليوم، وأكثر خطورة ردة الفعل المحتومة والتي تكتظ غرابة هي كيف ينسحب العلماء وراء رغباتهم المدمرة لطبيعة الحياة؟ وكيف يستخدمون وسائل غامضة لأغراض في ظاهرها سلمية وفي عمقها نزعة انتقامية؟
لقد اتضح ذلك من نتائجهم المخيبة للآمال، ومازال جمع منهم يقتفي أثر السلام ليقضي عليه بعدّة الحرب. وحيثما الإثم، تقع المصائب ومنها ما حذّر منه الرئيس الروسي بوتن قائلاً: «حشد من الطلبة في مهرجان بمدينة سوتشي، وثمة احتمال قادم يغير الهندسة الوراثية لجنود لا يحسون بالألم ولا بالخوف، أي أنهم سيكونون شبيهين بما دار في فيلم «يونيفرسال سولدجر» سنة 1992.
وهذه الخطوة العلمية، قد تساعد على خلق أشخاص ذوي قدرات خارقة في الرياضيات والموسيقى، لكن التعديل قد يؤدي أيضاً إلى بروز جنود يقاتلون دون خوف أو شفقة أو ندم أو ألم. وأنّ العلماء باتوا قريبين في أيامنا هذه من فك الشفرة الجينية التي تتيح لهم أن يصمموا إنساناً بمواصفات محددة مسبقاً.»
إذا أردنا الحقيقة دون ما إضافة، تبين أنّ الإنجازات العلمية الكبيرة تشوبها درجة من الريبة، وما نبه له الرئيس بوتين مفارقات تعيد التاريخ نفسه وتحرك الزمان إلى الوراء. إلى حيث قوى يفني أحدها الآخر لها تأثير بالغ على العصر، ولعل هذا الانزعاج تكون فيه علامات مشجعة تعيق وعيهم أو توقف سعيهم وأبحاثهم، ونستثني جزءًا من عصرنا الذي سخّر العلوم إلى مسارات مضيئة موزعة باتساق كامل لتشمل العالم بأسرة.