د.عبدالعزيز العمر
هل تتذكر عزيزي القارئ متى كانت آخر مرة استخدمت هاتف العملة، ومتى كانت آخر مرة استخدمت الآلة الطابعة، ومتى كانت آخر مرة استخدمت طامس الحبر، ومتى كانت آخر مرة شاهدت عامل سنترال، ومتى كانت آخر مرة غادرت مقعدك لتطفئ جهاز التلفزيون، ومتى كانت آخر مرة ذهبت إلى المستشفى لتقوم بتحليل السكري. هناك اليوم كثير من الأعمال والوظائف التي إما أنها اندثرت وخرجت من سوق العمل، أو أنها في طريقها للاندثار. فيما مضى من الوقت ظهرت الآلة لتقوم بالعمل اليدوي الذي كان يقوم به الفرد، أما اليوم فقد تغير المشهد بظهور الآلة التي تؤدي أعمالاً بها مستوى من الذكاء والتفكير (الروبوت مثلاً) لتقصي خريجي التعليم التقليدي عن كثير من فرص العمل. إن اختفاء مهن من سوق العمل وظهور مهن جديدة أصبح اليوم يشكل تحدياً وضغطاً شديداً على التعليم ليحقق مخرجات تعليمية تشارك في إنجاز أعمال غير تقليدية، ظهرت تلك الأعمال والمهن نتيجة للانفجار المعرفي التقني غير المسبوق الذي ظهرت ملامحه في تسعينيات القرن الماضي. المهن الجديدة أصبحت تتطلب اليوم من التعليم تدريس الجيل الجديد مهارات جديدة فرضتها متطلبات دخول سوق العمل، في مقال لاحق سوف نتطرق إلى نوعية وطبيعة المهن الجديدة التي طردت المهن القديمة والمهارات العقلية والحياتية التي تتطلبها، ودور التعليم في تحقيق تلك المهارات.