حمّاد السالمي
* الإعلام بكل صوره وأشكاله؛ مرآة صادقة لمن يقبع خلفه ويديره من دول ومجتمعات وحتى أفراد. المصداقية وأخلاقيات المهنة في هذا الميدان؛ ليست مهمة في الغالب عند موجهي وسائل إعلام كهذه، ومن الصعوبة تحديدها من خلال ما يعرض ويقدم من محتوى صحافي وتلفزي وإذاعي وخلافه. ينطبق على كثير من وسائل الإعلام اليوم؛ ما ينطبق على السياسة: فهي فن الممكن، الذي يحقق مصالح فقط، دون أي اعتبار للقيم والأخلاقيات. اكذب وضلّل ودلّس؛ إذا كان هذا يحقق لك أهدافك.
* الإعلام القطري منذ ظهور قناة الجزيرة قبل أكثر من عشرين سنة؛ قائم على هذه الصورة الموغلة في التضليل والكذب والتدليس. أهدافه وتوجهاته كانت واضحة عند كثير من المراقبين والمتابعين الذين ربطوا بين عمل قناة الجزيرة - التي تقول إنها قطرية - وبين المال القطري، الذي راح ينساب من الدوحة بسفاهة وحمق، ليفتح الأبواب المغلقة، ويمهد الطرق البرية والبحرية والجوية؛ لخدمة مشروع تخريبي واسع على الخارطة العربية، هدفه التغلغل في النسيج العربي الاجتماعي، وخلخلة بناه السياسية والفكرية، ومن ثم تثوير الناس، وتفتيت دولهم القُطرية إلى دويلات صغيرة كل واحدة منها بحجم دويلة قطر..! دويلة قطر.. آه.. هي عقدة نظام الحمدين دون شك، ولهذا؛ سرعان ما استقوت بقاعدة عسكرية أميركية على أراضيها، هي أكبر قاعدة خارج أراضي الولايات المتحدة.
* هذا الأمر لم يكن خفيًا، وكتب فيه مبكرًا كُتّاب، وحذر منه قادة ودبلوماسيون عرب وغير عرب، وظهرت جليًّا خطورة هذا الأمر بعد قرار المقاطعة الذي تبنته أربع دول خليجية وعربية؛ كانت مستهدفة في أمنها واستقرارها ووجودها من إعلام قطر المتمثل في جزيرتها، ومن مالها السائب الذي دعم كل الجماعات الإرهابية في المنطقة وعزز من كياناتها، وسهل لها عملياتها في السعودية والبحرين والإمارات ومصر التي تبنت المقاطعة، وفي ليبيا وتونس والعراق وسورية واليمن وغيرها.
* جاءت المقاطعة العربية في الخامس من يونيو من هذا العام 2017م؛ لتكشف المزيد من الخوار والعوار القطريين في شتى مناحي الحياة فيها، فالمواطن القطري تُسحب جنسيته، وتصادر أمواله، وتفتش داره، ويُطرد من بلده، لمجرد موقف لم يعجب المتفردين بإدارة قطر من زبانية يوسف القرضاوي وعزمي بشارة..! والتباكي واللطم على الحالة القطرية بعد المقاطعة، ومن ثم تأكيد قوة قطر الاقتصادية..! يتولى كبر هذا وزير الخارجية، ويسوق له زمرة المنتفعين من بائعي الذمم في عدد من العواصم. أما الإعلام القطري بقيادة الجزيرة؛ فله دوره في اختلاق قصص وفبركات عن معارضين ومظاهرات وسجون وجوع وقهر في دول المقاطعة، وهزائم تلحق جيوش هذه الدول في اليمن؛ وعلى أيدي إرهابيين يتحركون بما تبقى لديهم من مال قطري، ويقولون نحن هنا من خلال قناة الجزيرة، التي ظلت ترعاهم في القاعدة، وفي داعش وحزب الله والإخوان الشياطين، وحماس، وفي كل مكان هم فيه.
* من يتابع ما يجري اليوم في الدوحة، وما ينطلق منها إعلاميًّا وسياسيًّا؛ يشعر أن هناك دوخة تعم الدوحة، وهو لا بد وأن يصاب بالدوخة هو الآخر. كيف لا وأنت لا تعرف بالضبط ماذا يجري..؟ ومن يقود قطر سياسيًّا وإعلاميًّا واقتصاديًّا..؟!
* ظلت قطر على علاقات حميمة مع إسرائيل وما زالت، وظلت جزيرتها حاضرة في تل أبيب طيلة عشرين سنة. أخيرًا.. تقرر الحليفة إسرائيل غلق مكتبها في تل أبيب..! وظل مكتب التنسيق الإسرائيلي قائمًا في الدوحة..! لو أخذ رأيي في هذا لقلت: تم غلق مكتب الجزيرة في تل أبيب؛ بطلب من قطر ذاتها بعد الحصار، لكي تدندن جزيرتها عليه إلى حين، ولكي تقول للعرب الذين كشفوا حقيقة قطر وحقيقة الجزيرة فأعطوها ظهورهم؛ بأنها عربية، وتدافع عن قضايا العرب..!
* إليكم هذا المختصر لما قال به المستشرق الإسرائيلي الشهير: (مردخاي كيدار)، الذي اعتادت قناة الجزيرة على استضافته على شاشتها قبل قفل مكتبها في تل أبيب؛ قال في حوار أجرته معه القناة السابعة الإسرائيلية؛ بأنه يعتقد بأن قناة الجزيرة تقوم بـ (الجهاد) عبر شاشتها. وأنها تجاهد ضد الحكام العرب..! والولايات المتحدة، والغرب، وضد أسلوب الحياة الغربية الذي بدأ يتسلل إلى المجتمعات الإسلامية، وكان الهدف من تلك الحملة؛ هو دعم مصالح جماعة الإخوان في كل مكان، غزة والضفة، مصر والأردن وغير ذلك. وتابع المستشرق الشهير، أن الجزيرة تعتبر حركات مثل حزب الله وحماس؛ واجهة للتحرر الوطني والحرية، بينما يراها العالم أجمع؛ على أنها منظمات إرهابية. ولفت (كيدار) إلى أن: (يوسف القرضاوي)؛ هو من شكّل فكر قطر خلال السنوات الأخيرة الماضية، بما في ذلك قناة الجزيرة، مشيرًا إلى قول القرضاوي: (أن كل شخص يجب أن يجاهد بطريقته، مثلما تفعلون أنتم في الجزيرة)..! وتابع (كيدار): قائلاً: إن هذا الرجل؛ حوّل قطر إلى دولة تابعة لجماعة الإخوان. وفيما يتعلق بعلاقة الجزيرة بالعالم العربي السني - حسب وصف كيدار - قال المستشرق الإسرائيلي: إن هذه القناة كان محتواها في مجمله يهدف إلى زعزعة استقرار الدول العربية، وإذكاء الحروب الداخلية، ولذلك يعتبر الكثير من الغربيين؛ أن هذه القناة هي التي أشعلت فتيل (الربيع العربي).
* يا لها من نهاية عادلة لمن أشعل الفتيل، وسعى إلى تمويل العمليات الإرهابية؛ لتفتيت البلدان العربية وتجزئتها وتقسيمها. هذا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقول: (دولة قطر مع الأسف؛ ممول تاريخي للإرهاب على مستوى عالٍ جدًا، ويجب أن ينهوا هذا التمويل).