في السادس والعشرين من أكتوبر عام 1957م أبصر نادي الهلال النور في مدينة الرياض على يد رائد الحركة الرياضية في المنطقة الوسطى وأحد رموز الرياضة في المملكة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- وقبل أسبوعين مرّت الذكرى الستين لتأسيسه وإذا بالنادي الوليد في حي الظهيرة أصبح اليوم زعيما لقارة آسيا بستة ألقاب مرشحة للزيادة وأصبح زعيم الأندية السعودية بلا منازع وبفارق شاسع عن أقرب منافسيه، وأمام هذه المساحة الزمنية الشاسعة يجدر بي التوقف كثيرا عند التحديات والصعوبات التي واجهها شيخ الرياضيين إبان تصديه لقيادة الحركة الرياضية عموما ونادي الهلال على وجه الخصوص، فكما لا يخفى على جميع المهتمين بأنه في ذلك الوقت كانت النظرة للرياضة في المزاج الاجتماعي العام سلبية ومع ذلك آثر الشيخ عبدالرحمن بن سعيد المضي قُدما في مشروعه الخيّر ومساعيه النبيلة في احتواء الشباب وتمضية أوقاتهم بما يعود عليهم بالنفع والفائدة وبما يحفظهم من مزالق الانحراف الفكري أو السلوكي وكان رحمه الله بذلك الصنيع سابقاً لزمانه ومؤمناً بسلامة مقصده غير آبهٍ أو مهتم لكل المتحفّظين على الرياضة من الذين لم يدركوا دورها المحوري في حياة الشباب، رحم الله أبا مساعد وجزاه عن كل الشباب والرياضيين خير الجزاء لما قدمه من تضحيات وجعلها في ميزان حسناته.
والهلال يطفئ شمعته الستين تتزاحم في خاطري الكلمات، فالهلال الذي عشقناه منذ نعومة أظفارنا لم يعد كيانا رياضيا شامخا فحسب بل أصبح منارة من منارات العمل الثقافي والاجتماعي والإنساني وما شراكاته مع المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وكذلك منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) إلا خير دليل على ثقتهم بنادي الهلال وسعة انتشاره وقوة تأثيره في إيصال رسائل تلكم المنظمات وهذا ليس بغريب أو جديد على كبير آسيا وزعيمها.
ستون عاما في أجفان أحبابي؛ ربما هذا هو لسان حال الهلال الكيان لو قُدّر له أن ينطق، لقد كان المدرج الهلالي الكبير ولا زال خير مؤيد ومؤازر لنادي الهلال ليس في لعبة كرة القدم فقط بل في جميع الألعاب وفي كل مبادرة يتبناها النادي وإيماناً بدوره الكبير نجد سمو رئيس مجلس إدارة النادي الأمير نواف بن سعد دائما يذكره بالشكر والثناء مؤكدا بأنه وأعضاء مجلس إدارته والجهازين الفني والإداري واللاعبين لا يعملون إلا لأجل إسعادهم و هذه اللغة الراقية من الراقي الوفي وجه السعد ليست بجديدة فالشيء من معدنه لا يُستغرب.
في تاريخ الهلال رجال ضحوا بالغالي والنفيس لكي يصل إلى أعلى المراتب حتى وإنْ كان ذلك على حساب أموالهم وأوقاتهم وصحتهم، أسأل الله العلي القدير أن يتغمد بواسع رحمته ورضوانه أمراء الهلال: هذلول بن عبدالعزيز، عبدالله بن ناصر بن عبدالعزيز، خالد بن فيصل بن تركي الأول، خالد بن يزيد بن عبدالله بن عبدالرحمن، عبدالله بن سعد بن فهد وتركي بن سلطان بن عبدالعزيز كما أسأله جلّت قدرته أن يبارك في أعمار الأحياء ويمتعهم بالصحة والعافية ويديم عليهم نعمة التلاحم والترابط تحت مظلة الهلال هذه الخصلة الحميدة التي أصبحت علامة هلالية بارزة بامتياز يُحسد عليها من بقية الأندية وعلى دروب الزعامة والريادة دوما نلتقي.
** **
- محمد السالم