تملك الأمير محمد بن سلمان رؤية عبقرية وواعية تستشرف المستقبل وتنظر إليه متجاوزة عباب الصحارى المجدبة والغيوم المتفرقة لتخترقها نحو هدف بعيد ورؤية المملكة 2030 تمثل حجر الزاوية في هذا التفكير العبقري المبني على دراسات مستفيضة تخدم الإنسان والمكان وتحلق ببلادنا نحو أجواء العزة والكرامة، ولعل من أهم بنود هذه الرؤية هو التحول إلى عالم (اللانفط) أي التحول من الاقتصاد الريعي للاقتصاد المنتج واستغلال ما حبا الله به بلادنا من إمكانات وثروات هائلة غير النفط للتحول إلى الاقتصاد المنتج، ويأتي مشروع البحر الأحمر السياحي وتطوير سواحله الشمالية تطبيقاً لهذه الرؤية الطموحة حيث إن السياحة الخارجية تستنزف المليارات سنويا من بلادنا و هذه السواحل الممتددة على طول أكثر من ألفي متر تتميز بطبيعة خلابة، خاصة موقع المشروع بين الوجه وتيماء الممتد لأكثر من 200كم وعدد الجزر الكبير في هذا الموقع، ومن أهم بنود هذا المشروع المحافظة على التنوع الأحيائي للبحر الأحمر وخاصة الطيور التي تقطن الجزر والسواحل، حيث إن الطيور المهاجرة تمر بأعداد كبيرة في هذه المنطقة، وهناك مقترحان إضافيان لهذا المشروع الإستراتيجي الضخم.
المقترح الأول: يتميز البحر الأحمر عالميا بجودة أسماكه وندرتها نظرا لما يتميز به البحر الأحمر من شعاب مرجانية تمتد على مساحات كبيرة، والتي هي من شروط توفر الأسماك وعيشها، بخلاف المحيطات الضخمة والعميقة، ومناسبة درجة حرارة المياه صيفا وشتاء للأسماك، ومع الأسف الشديد لم تستغل هذه الميزة لأسماك البحر الأحمر على سواحلنا واعتمدت ثروة الأسماك على جهود فردية بطرق بدائية في الصيد والتخزين والتسويق، وعلى هذا أقترح ان يكون ضمن مشروع البحر الأحمر مشروع لاستغلال الثروة السمكية في البحر الأحمر خاصة الأسماك النادرة كالناجل والروبيان والكنعد والشعور التي يتميز بها البحر الأحمر، وأن يتم تأسيس شركة يملكها صندوق الاستثمارات العامة تقوم بتطوير آليات الصيد والاستزراع السمكي ذي البيئة المناسبة على سواحل البحر الأحمر كالروبيان الذي اثبت نجاحه عالميا، وسد حاجة السوق المحلي، وتحويل الثروة السمكية الى مصدر للدخل بتسويقه عالميا.
المقترح الثاني: من العناصر المهمة لمشروع البحر الأحمر (السياحة الجبلية لفوهات البراكين الخامدة) الواقعة بالقرب من المشروع والجبال الواقعة بالقرب من خيبر والعلا، وهذا الموقع هو بالضبط منابع سيلان وادي الرمة الشهير الذي تبدأ منابعه من (جبل أبيض وأبيض) و(جبل القدر) وتتميز هذه الجبال بمسارات صخرية للأودية والشعاب التي تبدأ من أعالي هذه الجبال على ارتفاع 2000م متجهة شرقا لتصب في وادي الرمة الكبير لتصل إلى أواسط منطقة القصيم، وتتميز التضاريس الجبلية في هذه المنطقه بإمكانية تطوير شلالات صناعية يمكن توفير المياه لها إما عن طريق:
أ- مياه الأمطار التي يمكن جمعها بسدود تحجز المياه المتجهة بكثافة نحو البحر الأحمر.
ب- عن طريق (التحلية الجزئية) لمياه البحر بحيث تنخفض تكلفتها إلى النصف عن طريق محطة تحلية تنفذ على سواحل البحر الأحمر لسقيا المشروع، وتستخدم في التحلية الطاقة النظيفة (طاقة الرياح)، وأثق ان البحيرات والشلالات على أعالي الجبال ستكون وجهة سياحية فريدة ورائعة خاصة مع انخفاض درجات الحرارة صيفا على هذه السلسلة الجبلية.
وأخيرا أتمنى أن نرى مشروعا مماثلا في الجنوب خاصة المنطقة السياحية الصيفية التي تتميز بالبرودة صيفا على أعلى جبال عسير (السودة) والتي تنافس جبال الألب ولم يتم تطويرها سياحيا إلا بجهود بدائية, وأن يتم تنفيذ مشروع يجمع السياحة الصيفية (جبال عسير) والسياحة الشتوية (سواحل عسير وجازان) القريبة من بعضها بمشروع متكامل أعتقد أنه سينافس أرقى المشاريع العالمية ويستثمر جزءا هاما من إمكانات بلادنا الضخمة.