فهد بن جليد
أكتبُ هذا المقال في الطائرة - مُغادراً دبي إلى سيئول - لحضور المهرجان المفتوح الذي تقيمه السفارة السعودية اليوم السبت في حديقة (بانبوهان رفر) بُمناسبة مرور 55 عاماً على العلاقات السعودية الكورية، ما يربط بين نقطتي المُغادرة والوصول خيط رفيع يمثل أنموذجاً آسيوياً لقصص نجاح خالدة - بطلها في كل مرة - التطور الاقتصادي وقفزاته السريعة، دبي تلك الإمارة الصغيرة على ضفاف الخليج العربي، والتي تحوَّلت خلال ثلاثة عقود إلى حُلم ومقياس للتطور والنهضة في عيون العرب والعالم، وسيئول إحدى عواصم النمور الآسيوية التي انتقلت بسرعة الصاروخ من الفقر إلى أحد أهم 10 اقتصادات على مستوى العالم، قصص النجاح وأحلام الشعوب لن تقف عند هذا الحد، فثمة وثبات قادمة، وأحلام مشروعة أذهلت العالم ببريقها الذي سطع من وسط وشمال بلادي، بعنوان مدينة المُستقبل الجديد (نيوم) تلك الوثبة البشرية الخلاَّقة، التي جمعت الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، كأهم وأكبر مشروع اقتصادي عرفه التاريخ الحديث.
هذا الحدث الاستثنائي أشبه بخارطة طريق لإنقاذ الاقتصاد العالمي، رسمت ملامحه أنامل السعوديين الحالمة بكل ثقة، بانحياز ريشتهم للمُستقبل من أجل قيادة العالم للتغير السريع نحو غدٍ جديد، في بقعة هامة منه، جمعت أهمية المكان بقدرة الإنسان، وخيال العقل البشري وعلميته بقوة الاقتصاد وتأثيره، لتتحقق المُعادلة الأصعب على يد القائد الشاب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مُهندس التحول البشري نحو المُستقبل في قلب الصحراء، والذي استطاع إقناع أباطرة العالم، وأقطاب الاقتصاد فيه، للقدوم إلى هنا واللحاق بركب التقدم الجديد، واغتنام فُرص خيالية فريدة سانحة تقوم على ركائز وقواعد استثمارية ثابتة وطموحة، يضمنها الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويدفعها عقد اجتماعي ورغبة صادقة بالتكاتف والتعاضد خلف رؤية وطنية تشرَّبها السعوديون، وأمنوا بها للمُضي نحو غدهم الحالم، وهي فُرص استثمارية سعودية مغرية مُتتالية, يندر رؤية مثيل لها في عالم يموج بالركود الاقتصادي والصراعات في كل مكان.
الأمير محمد بن سلمان راهن كثيراً على موقع بلاده الفريد ومقوماتها وثرواتها، مثلما راهن على نجاح الإنسان السعودي كمحور رئيس فاعل في هذا التحول - وكان مُحقاً في ذلك - بدليل تسابق كبرى الشركات وعمالقة الأعمال في العالم للبحث لهم عن موضع قدم في قلب الصحراء، وملاحقة تغيراتها الهائلة، لمُشاركتها في المُضي سوياً نحو المُستقبل، وهو ما يؤذن بولادة مُعجزة اقتصادية جديدة لم يشهدها الغرب ولا الشرق من قبل، جاءت هذه المرة بتواضع الإنسان المُلهم محمد بن سلمان وهو يتحدث بثقة عن شعبه وشباب وطنه، و كأنَّه يراهم غداً.
وعلى درب الخير نلتقي.