نادية السالمي
شيرين إحساسها الجميل العالي مزقها في الحياة، وجمّعها في الأغنية، ولا يعيب شيرين _ كما يعرف الجميع _ إلّا أنها تفتقد _بعذر العفوية_ لأقل قواعد الذوق العام والشواهد كثر، هذه الصفة في سلوكها سيئة وتكاد تكون قاتلة لنجاح أي شخصية مشهورة تتواصل مع الناس والإعلام بشكل مباشر، وعلى مايبدو أن هيئة الترفيه عندنا تعاني من هذه الصفة وتكابد ماتجره عليها من مشاكل، وهذا وجه الشبه بينها وبين شيرين.
الأهم من كل هذا أن شيرين ليس بمقدورها غناء أغنية واحدة باللهجة الخليجية في الرياض وليس في جدة بشكل جيد كما أنغام مثلًا !.
الترفيه في خدمة من؟
احتمالان لا ثالث لهما: إما أن هيئة الترفيه الموقرة تظن أن الشعب السعودي في غالبه من أغنياء العالم، وهي بهذا تشترك مع من يعيش خارج حدود المعقول فيظن أن كل بيت يعوم على بحيرة نفطية. أو أن فهمها يقتصر على أنها ما خرجت على الدنيا إلا لخدمة المرفهين، الذين تظن أن فعاليتها ستعرقل كل سبل خروجهم خارج الوطن بدافع النزهة والترفيه!
في بيان سابق للهيئة الموقرة ذكرت فيه أنها «تنوي توفير ما يناسب المجتمع من أنشطة تحقق رغباتهم وتطلعاتهم والتنويع فيها لتسعد جميع فئات المجتمع، بالإضافة إلى تغطية جغرافية أكبر للأنشطة في جميع مناطق المملكة»
وهذا للأسف في غالبه لم يتحقق فأغلب الأنشطة عبارة عن حفلات غنائية يرقص عليها هواة الرقص أصحاب الموهبة أو معدموها، ومن لا يحل الغناء أو لا يجيد الرقص سيكون من الشريحة غير المستهدفة بالترفيه. فأين التنوع في الترفيه والشريحة والمنطقة الجغرافية؟! أين الترفيه من كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، هؤلاء من المجتمع وبحاجة ماسة للترفيه؟!.
بالنسبة للحفل الخيري فهو عادة يستهدف عدة فئات الأغنياء والمثقفين ونسبة من الكادحين الذين يُؤثرون على أنفسهم، وفي هذا الحفل بأسعاره المبالغ فيها يكون رواده فقط من الأغنياء الذين لسبب ما كانوا داخل الوطن ولا شك أن السبب بعيدًا عن قناعتهم بهذا الترفيه، أما المثقفون فيتعذر تواجدهم أمام هذه الأسعار فكما يعرف الجميع أن المثقف يعيش فقيرًا ويموت على فقره وبداء فقره، بقي الكادح الذي حتى حلمه لا يأتي بحفل هكذا أسعاره، ويكتفي باليوتيوب نصير المحرومين.
حفلة شيرين احترموا عقولنا:
تنويه الهيئة يزعم أن إلغاء الحفلة جاء لعدم تقديم المنظم طلب الترخيص، _ودائما ماترمي الهيئة الأخطاء على المنظم_ وتنويه شيرين يزعم أنه لم يكن هناك تعاقد رسمي!..
الجدير بالذكر فيما يخص هذا التنويه أو ذاك أن كل هذه البيانات والأصداء قبل أيام معدودة من إقامة الحفل الغنائي!. ثم طالما الإجراءات بالنسبة للهيئة غير كافية فلماذا تم الإعلان وتحديد الفئات والأسعار ألا تحترم عقولنا وتقدم أنشطتها بطريقة تسير بمحاذاة النظام بدلًا من الإفاقة على إلغاء الحفل الخيري، فيصدم من كانوا يحلمون بلقاء شيرين ومن كانوا يطمحون في ريع جيد لخدمة مرضى السرطان! ناهيك عن شماتة التيار الذي يرى أنه تفوق على هيئة الترفيه، وهيئة الترفيه ترى أنها موجودة لدحره ومخالفة رغباته لتكون الحرب بينهما سجال ونحن نتفرج عليهم في حفل ترفيهي مجاني قد يكون من سنن الحياة أن لا ينتهي عرضه؟!
ماذا نريد من هيئة الترفيه:
معرفة أنها موجودة من أجل بث الفرح والمتعة للجميع إينما كانوا في هذا الوطن مع مراعاة الوضع المادي والحالة الاقتصادية في الحسبان.
أرجو أن تلتفت الهيئة للترفيه «الثقافي» وتوليه شطرًا من اهتمامها، لجذب الشباب نحو الثقافة وتطوير الذات والوعي، الرقص والغناء ترفيه ينفض عن النفس الرتابة والملل لكنه ليس الوجه الواحد للترفيه.