د. فهد بن علي العليان
أقلعت الطائرة وحلقت في السماء تخفق بجناحيها في كبد السماء، وما علمت أن قلب صاحبي هو الآخر يخفق، كنت ممسكا بكتابي أطالع الحروف التي طالما عشقتها في الأرض وبين السماء والأرض ذلك أني اعتدت أن أحمل كتابي في الطائرة أتحدث معه بعد أن تغلق كل المنافذ أمام وسائل التواصل الاجتماعي.
التفت إلي يتأمل كيف أمضي أقلب صفحات هذا الكتاب دون أن يكون لي مع جاري حديث، فبدأ حديثه بتحية وسلام ثم اطمئنان وحديث عن القراءة والكتاب، وبعد أن تبادلنا الحديث في دهاليز كثيرة تبدأ بالحروف وتنتهي إليها، قال: دعني أحدثك لتكتب - إن شئت - هذه الخاطرة، قلت له: سأسمعك كما لم أستمع لآخرين من قبلك، فانطلق تحكي عيونه شوقا وقلبه ينطق:
« هل قرأت يوما عن الأخت؟ لعلك تزيد من قراءاتك عن جمال روح الأخت – أي أخت – في دنيانا هذه، أشعر هذه اللحظة كأن قلبي طيرا داخل القفص يريد الحرية والتحليق في السماء تحت أشعة الشمس، وأنا هنا في خارج الوطن أكملت أسبوعين، وفي بدء الثالث يأتي الهاتف بخبر يعتصر فؤادي وتنحدر معه مدامعي. اللهم الطف بنا بقضائك وقدرك وأرضنا به ، إنه خبر الوجع الذي قدره الله على شقيقة الروح والنفس والفؤاد الشقيقة القريبة للعمر والقلب، بل هي كما نطلق عليها (نور العيون). الوجع الذي يسري في دمها، كأنه يسري خنجرا في الفؤاد. آه يانور العيون، كم أحسب الأيام لألقاك أقبل جبينا وأطبع قبلة على يديك الحانيتين».
ثم عقب يقول: عندما يسمع آخرون كلماتي وآهاتي، فإنهم سيقولون: لا بأس إنه الأخ يثني على أخته، و والله ما قلت إلا جزءا مما تستحقه (نور العيون) التي شملت الكبير والصغير بعطفها وحنانها منذ كانت فتاة شابة، واسألوا إن شئتم رفيقات دربها، وزميلات دراستها وصاحبات مدرستها. إنها مثل (اللؤلؤة)، وهي ليست إلا عطفا وحنانا يمشيان على الأرض، ليست إلا عقلا وحكمة وحنكة تعطي من حولها دون أن يشعر بهذا أحد. إن وجعها يؤلم فؤادي فتفضحني دموع العينين، أو ليست هي نور العيون؟!. أربعون عاما و قلبي على قلبها ، وعقلها مع عقلي. فيارب، أسالك بها وبنا جميعا لطفا وشفاء وعافية».
اختتم آهاته مخبرا بأنه – أثناء سفره - كان يبتعد في إحدى الزوايا يكتب خاطرته هذه بعيدا عن رفيقة دربه وأطفاله لئلا تفضحه العيون وهو يسجل حروفه عن نور عيونه. وهنا، أنهى كلماته وأملى حروفه ثم مال للجهة الأخرى يزيل ما تناثر من دموعه، وفي الوقت نفسه لم يكن صاحبكم خلقا من حجر!.
وهنا، أتيت أيها القراء الكرام لأكتب لكم عن الأخت والأخوات اللاتي هن جمال الدنيا وبهجتها، حينها تجد قلمك عاجزا عن رسم الحروف كأنك تريد أن تكتب عن الليل والنهار والشمس والقمر.
استأذنته لأعود إلى حروفي التي وجدتها تنطق وتنادي روح الأخوات الكريمات قائلة: الأخت قلب وعطف وحنان.