ماذا عليك حين تخطئ أن تعترف بخطئك ؟! ( نعم أخطأت ) ! في وقتنا تأخذه العزة بالإثم فهنا يكون الكبر المبغض ! ومن منّا لا يخطئ ؟! عبارة نسمعها ولكن قليلاً جدا من يحسن الاعتراف ! أتاوات الأنفة تضرب في قلوبنا دائماً وأثمانها تذهب هباءً من جيوب أخلاق المرء إلا أنها تقيّد عليك وتضغط على فؤادك كثيراً حتى تزداد كبراً فتكون من الضالين ! نراوغ ونراوغ لكي لا نظهر على أخطائنا فنسترها غباء بتصنع الكذب ثم يتشكل فيما بعد طبعاً نتطّبع به وعادة تصبح في عداد السلوك اليومي نورّثها الأبناء فنتهم الآخرين وننسى أنفسنا وهكذا دواليك من أصحاب المجتمع كله ، وإياك إياك أن تتهم أحداً بالخطأ فتكون قد زلت قدمك وأورثت القلب غضباً وحقداً.
حين تهمس في إذن صاحبك بخطأ قد ارتكبه انظر إلى وجنتيه وعينيه وحواجبه الجميلة ، لكي ترى فارقاً قبل الهمس وبعده حتى تستخرج منها الأخطاء السبعة !
- لا عليك قد قلت فقط إنك أخطأت !! وما كل هذا العتب والغضب وسوء المعاملة .
ألا تعلم ياسيدي أن هذه بمثابة الاتهام الخطير الذي قد يُعير به الرجل كالكذب والسرقة والاختلاس والتزوير والرشوة وغيرها من العيوب المزمنة والملازمة للجشع والشراهة الباطلة لمن لم يكن له قلب ذكي وروح حميّة ورادع يردعه عن غيه .
- لم أعرف أن الخطأ يُركن مع كل هذه البلايا حتى الآن ؟! وأنه عيب يجب أن نستتر منه ما حيينا ، فيدفعه كل واحد منا عن نفسه حتى يكون المتهم آخر وإن كان بريئاً منه .
أعلم أن الخطأ سلوك عفوي فليس هناك خطأ متعمد فهذا لا يدخل في سياق الأخطاء ومصطلحاته ولذلك فرّق الله سبحانه وتعالى في مسألة القتل فذكر الخطأ باللفظ والتعمد باللفظ حتى لا يُحسب التعمد على الخطأ ولذلك لا يجب أن نستحي منه ولا أن يُعيّر الآخرين به وللأسف أن نجد الكبير من ظُن به عقلاً راجحاً يتبرم من ذلك وينفيه عن نفسه وكأننا أصبحنا ملائكة نمشي على الأرض معصومين من الزلل ، لذلك نحن نخجل من تكرار أي محاولة للخوف من الوقوع في الخطأ إيديولوجياً لئلا تصبح جميع أعمالنا أوراقا مصبوغة بأحبار تشهد على فشل ذريع وليس نجاحا باهرا ! وهذه النقطة الفارقة بيننا وبين الغرب فإننا نجدهم لا يستترون عند الخطأ ولا يهربون منه بل يعترفون به لأنهم يدركون عاقبة الاستمرار فيه ونتائجه.
كثير من النجاحات ارتبطت بالأخطاء ارتباطاً وثيقاً لذلك انتبه العالم ثورنديك إلى ذلك حين كوّن نظريته المعروفة ( المحاولة والخطأ ) وأن النجاح يأتي بعد تكرار خطأ المحاولة ،
- ونحن هنا لا نقبل بالخطأ بتاتاً لذلك لا نغفر زلة لأحد وعليك أن تنظر في وسائل التواصل حتى تعرف أننا أمة طلبنا من ربنا غفران النسيان والخطأ ولكننا لا نرحم من يخطئ . وما أجمل القيام بالتصحيح إن كان صريحاً حسب موقعه من الحاجة لذلك ، وليس ضمنياً لأن الأخير قد يشوبه سوء الفهم أحياناً ، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما خطب في الناس عن مهور النساء وحدد ذلك كان الرد عليه من قبل امرأة بآية من القرآن الكريم تعارض قوله فما كان منه إلا أن اعتلى المنبر مرة أخرى وصحح ما أخطأ فيه دون مكابرة أو غرور أو زهو في النفس ثم قال بثقة وهو خليفة المسلمين في ذلك : أصابت امرأة وأخطأ رجل .
** **
- زياد السبيت