أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: من المتناقضات: أن يدعي ذلك الواغش (أعني ابن عربي) الصوفي الحلولي قبحه الله: أنه ظاهري على مذهب ابن حزم؛ وقد خسأ وأفك؛ فالظاهرية بريئة منه، ولا لقاء بينهما.. ومثله محمد بن طاهر المقدسي ابن القيسراني الصوفي الخليع؛ فقد ادعى أنه ظاهري حزمي، ولا لقاء بينهما؛ وإنما حجته أن ابن حزم أباح الغناء بالآلات بإطلاق؛ وهذا لا يعني الأخذ بالظاهر، وابن حزم - عفا الله عنه- أخطأ في إباحة الغناء بالآلة بإطلاق وإن كان قد احتاط لنفسه آخر الأمر بقوله: (وترك سماعه أفضل)؛ فهذا لا يكفي.. ومن تصدأ نفسه مثلي؛ فيستمع الغناء بالآلة في غير وقتٍ فضيلٍ تحمد فيه العبادة والاستغفار، ولم يكن صائماً، ولم يكن ذلك دأبه: فلا يحل له أن يبيحه؛ بل يغلب على ظنه أنه ارتكب لمما، وليحرص وليحذر من أن يلقى الله وهو مصر على ذلك؛ وليكثر من الاستغفار والاستعاذة من تسويل الشيطان، وليكثر أيضاً من فعل الخيرات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.. وأما (رويم) - رحمه الله تعالى- المعاصر لـ(داوود الظاهري): فقد كان ظاهرياً في الفقه على مذهب داوود؛ وكان تصوفه من الزهد؛ وقد أغناني الله عنه بمثل زهد الإمام ابن حزم في شتى كتبه؛ فزهده هناك يثب بالأرواح، ويبكي القلوب، ويهمر الدموع رحمنا الله وإياه أجمعين.. وامتطى الثعبان الماسوني أيضاً الطرق الشاذلية؛ وكل ذلك لتغييب دور الأزهر (الموصوف حقاً في تاريخه القديم المشرق: بأنه الأزهر الشريف).. امتطى الثعبان الطريقة الشاذلية تغبيرا [بالغين المعجمة] ورقصاً وانحناأ وارتفاعاً، وضحكاً وصياحاً؛ ولم يسلم كثير من المغبرين من تناول جرعاتٍ من الأفيون أو الحشيش؛ وقد شاهدت ذلك عياناً في (طنطا) كما فصلت ذلك في كتيبي(ملاعب الوثنية).
قال أبو عبدالرحمن: أركان الطريقة الشاذلية: الشاذلي نفسه؛ فأبو الحسن الشاذلي: مغربي الأصل [571-656هـ]؛ وقد تصوف في تونس، وسكن مدينة تونس، ثم الإسكندرية، وتوفي بصحراء عيذاب متوجها إلى بيت الله الحرام في أوائل ذي القعدة سنة 656هـ بـ(حميثرة)..والركن الثاني هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن عمر المرسي [616ــ 686هــ]؛ وهو من أهل الإسكندرية، وأهله من مرسيه في الأندلس؛ ويعد خليفة أبي الحسن الشاذلي؛ وقد صار قطباً في اعتقاد مريديه، وله مقام كبير ومسجد باسمه في مدينة الإسكندرية؛ ومن افترائه وإرجافه بالبهائم من مريديه قوله: ((والله لو حجب عني رسول اللهطرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين))؛ وهو كذلك ليس من المسلمين.. والركن الثالث ابن عطاء الله السكندري؛ وهو تلميذ أبي العباس المرسي.. ولد في الإسكندرية سنة 658هـ وتوفي في القاهرة سنة 709 هـ.. والركن الرابع ياقوت العرش؛ وكان حبشياً، وسمي بالعرش لأن قلبه لم يزل تحت العرش، وما على الأرض إلا جسده؛ وذلك في افترائه.. وقيل: لأنه كان يسمع أذان حملة العرش.. هكذا جاء في طبقات الشعراني؛ ولا يزال السذج يتقرّبون إلى الله بتسمية أحد أبنائهم بياقوت العرش.
قال أبو عبدالرحمن: أهم المراكز الشاذلية: مركز الشاذلي الأول؛ وهو مصر في مدينة الإسكندرية على وجه الخصوص، وطنطا، ودسوق بمحافظة كفر الشيخ، ثم انتشرت في باقي البلاد العربية؛ وأهم مناطق نشاطها المغرب العربي؛ وسوريا، والأردن، وحضرموت، والسودان.. وأهم فروعها بمصر: البكرية، والسلامية، والخواطرية، والقاوقجية، والوفائية، والحامدية، والجوهرية، والعزمية، والفيضية، والهاشمية، والسمانية، والعفيفية، والقاسمية، والعروسية، والهندوشية.. وأما فروع الطريقة الشاذلية بالمغرب العربي فهي: الجزولية؛ وهي الشاذلية بعد أن تناولها المراكشيون بالإصلاح حوالي سنة 1465م.. أي حوالي النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي.. وللجازولية الشاذلية فروع بالمغرب العربي؛ وهي: الدرقاوة، والحمادشة، والعيسوية، والشرقاوة، والطيبية.. وهناك فروع أخرى للطريقة الشاذلية بالمغرب الغربي: وهي العلوية (؛ وهو فرع جزائري من الدرقاوة بـ (مستغنام بني علوية)، والطريقة الدغوغية، والرباحية، والقاسمية، والصداقية؛ وهي فروع للحمادسة الشاذلية في مكناس، وسلا، والطريقة الزروقية الشاذلية بمدينة فاس، والطريقة السهيلية: (؛ وهي فرع جزائري للطريقة الشاذلية أنشئ في القرن التاسع عشر)، والطريقة الناصرية فرع مراكش من الشاذلية في (تمكيرون)؛ وقد أنشئ في القرن17م، والطريقة الشبية؛وهي الفرع التونسي للناصرية الشاذلية، والطريقة اليوسفية؛ وهي فرع من الشاذلية المغربية مليانة أنشئ في القرن 16، والطريقة المدنية؛ وهي فرع طرابلس من الدرقاوة في مصراطة، والطريقة الكرازية؛ وهي فرع من الشاذلية في مدينة تافيلات الجزائرية، وقد أنشئ في القرن 19م»، والطريقة الحبيبية؛ وهي فرع من الشاذلية في تافيلات أنشئ سنة 1852م.. والطريقة السنوسية؛ وقد أسسها سيدي محمد بن علي السنوسي الكبير بـ (ليبيا) سنة 1250هـ؛ وهكذا ترون لكل بدعةٍ شيخ ولكل شيخ طريقة.. وإلى لقاءٍ إن شاء الله تعالى في السبت القادم مع هذه الشاذليات, والله المستعان.