أ.د.عثمان بن صالح العامر
المعادلة السعودية اليوم تختلف عنها بالأمس سياسياً واقتصادياً وفكرياً واجتماعياً، انقلبت الموازين في كثير من المناحي والمجالات حتى صار حضورنا العالمي وتواجدنا الفعلي في الساحة الدولية طاغياً على كثير من دول العالم الأول، خاصة عندما يكون الأمر متعلّقاً بمحاربة التطرف والإرهاب أو تكون قضية الشرق الأوسط هي التي على طاولة الحوار، بل إن المملكة العربية السعودية أضحت اليوم - بفضل الله عزَّ وجلَّ ثم بوجود قيادة فذة وفريدة - مؤثِّراً فاعلاً في رسم الإستراتيجيات المستقبلية لعدد من دول المنطقة التي صارت تضبط بوصلة رؤيتها على ضوء تحركاتنا المدروسة التواقة لصناعة مستقبل خليجي وعربي جميل، يختلف جذرياً عن سابق عهده المليء بالإخفاقات والنكسات والنكبات والصراعات والخيانات التي غيّبتها الشعارات، وضيّعتها الرايات، وعصفت بها الأهواء والتحزّبات التي لا تخفى.
لقد أصبح من المسلّم به لدى منظري التنمية البشرية أن الشباب السعودي اليوم - الذي يمثِّل قرابة 70 % من الشعب - يفكرون بطريقة مختلفة عن الجيل السابق، يعرفون جيداً حجم التحديات التي فرضتها عليهم العولمة، ويملكون مهارة التعامل معها باقتدار، ثقة قيادتهم بهم كبيرة، يرون في صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين مهندس إستراتيجية رؤية المملكة 2030 القدوة والرمز، وعنوان التحدي والصمود، ومدشِّن مرحلة جديدة في تاريخ مملكتنا الغالية، يغازلون - في ظل رؤية استشرافية واعية وواعدة- العالمية باقتدار، ويشقون طريقهم بعزم وحزم من أجل قلب موازين العولمة التي ينظر إليها على أنها شر محض بالنسبة لنا نحن في هذا الجزء من العالم الثالث القابع في ذيل قائمة التمدن والتقدّم والتنمية الدولية، إذ لا مكان في عصر العولمة هذا الذي عدّه بعض المفكرين الغربيين نهاية التاريخ إلا لمن ننعتهم بدول العالم الأول المتربعة في قمته الولايات المتحدة الأمريكية .
لقد أوجدت لنا قيادتنا الحكمية مكاناً بارزاً في نادي الأقوياء، ومنحت شبابنا من خلال مشروع نيوم - وجهة المستقبل- الضخم وغيره من مشاريعنا المفصلية الواعدة فرصة ذهبية ثمينة لإثبات الذات السعودية العربية والإسلامية في القرن الحادي والعشرين الذي دُشّن بهجوم عالمي شرس على الإسلام عموماً وبلادنا الغالية المملكة العربية السعودية قبلة المسلمين ومحط أفئدتهم على وجه الخصوص، فهل نكون نحن الشعب السعودي - بعقيدتنا الوسطية السمحة، وبإرادتنا المتقدة الفذة، وبعزيمتنا الوثَّابة النافذة، وتقديرنا لقيمنا ومبادئنا الداعية للعمارة والنماء، المحبة لخير البشرية جمعاء، الحريصة على أن يكون لنا قدم صدق في العالمين - بناة مجد، وعناوين عطاء، ورسل سلام، ومفاتيح خير، وصنَّاع حضارة نوعية بنكهة متميزة تبعث من أرض الجزيرة العربية لتشرق وتغرب تحت شعار (صنع في السعودية)، (منتج سعودي)، (فكر سعودي)، (نظرية سعودية)، (ابتكار ومخترع سعودي)، (عالم سعودي) وخصوصاً أننا حسب الإحصاءات الدولية سيكون منا 3 % من علماء المستقبل الذين سيصنعون غداً عالمياً مختلفا، نفخر ونفاخر بهم وبمن سيسير على خطواتهم وينهج نهجهم في المنتديات الدولية والتجمعات الشبابية.
إنك حين تسمع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يتحدث عن مستقبل بلادنا يتملَّكك التفاؤل الكبير، ويتعاورك السرور الغامر بمستقبل سعودي طموح سيكون نقلة حضارية لم تكن في حسبان أحد منا قبل سنوات معدودة، ولكن هذا كله يحتاج منا أن نكون نحن الشعب -كل الشعب بلا استثناء- نحمل هم جعل الرؤية الوطنية واقعاً تنعم به الأجيال القادمة، وتسعد بمنجزاته البشرية قاطبة بإذن الله. دمتم بسلام، وتقبلوا صادق الود والسلام.