رقية سليمان الهويريني
في مقابلة للمذيعة جيزيل خوري مع الشيخ السوري لؤي الزعبي، وكانت ترتدي غطاءً على رأسها وضعته تقديراً للشيخ رغم أنها مسيحية، ولكنها تفاجأت أنه لم يرفع بصره لها ولم ينظر نحوها طيلة مدة الحوار! وسألته المذيعة الرقيقة عن سبب انصراف بصره عنها، فقال: لستُ موكلاً في الشرع أن أُحجِّبك، أنا موكل ومأمور بغض البصر!
تذكّرت هذه المقابلة في الوقت الذي يصر فيه أحد الوعّاظ على أن المرأة هي السبب الأول للتحرّش، فهو يرى أنها هي التي تغري الرجل فلا يملك نفسه فيضطر للتحرّش بها! وحدوثه في المملكة بخلاف أوروبا مثلاً بسبب العادات والتقاليد لدينا! وحمّل الأسرة مسؤولية المحافظة على بناتها من التحرّش بإلزامهن بالحشمة والتستر، ولكنه جعل الرجل بمنأى عن العقوبة التي تتبع التحرّش، وكأنه يبرر له التحرّش بالمرأة بدعوى التبرّج! والله تعالى أمر الرجل بغض البصر وعدم إطلاقه في النظر للحرمات قبل أن يأمر المرأة بالحشمة والستر!
ولست أدري هل الطفل المتحرَّش به أيضاً هو السبب في جر المتحرِّش لهذا المستنقع القذر؟ أفلا يجعل هذا الرأي الرجلَ عديمَ الخلق والأدب؟ أليس هذا الرأي يهدف لإبقاء المرأة بحالة خوف وهلع من المُتحرِّش فتفضِّل عدم الخروج نهائياً؟ بينما يتم ربطه بالتبرُّج وهذا يدل على قصر نظر بعيداً عن الشرع والإنسانية.
إنني لا أدرك سبباً لثورة البعض وغضبهم من إقرار قانون التحرّش الذي يردع المتحرِّش ويأخذ على يده، بدلاً من اكتفاء أفراد المجتمع بالتصوير والمراقبة والمشاهدة أو حتى الإنكار، والمفترض نبذ هذه الممارسات المشينة، والتعامل مع الفاعل بالحزم والعقاب والتشهير به، لأنه مارس إرهاباً على المجتمع. ومضاعفة العقوبة حال تكرارها والاعتداء على حرمة الآخرين جسدياً أو لفظياً.
وإقرار قانون يمنع التحرّش ويجرّمه مع العقاب الرادع للمتحرِّش كالحبس والتشهير والغرامة سيجعل تكراره مستحيلاً، ولن يتجرأ المستهترون على مضايقة البنات أو السيدات. والقانون رادع لكل من تسوِّل له نفسه القيام بهذا العمل المشين والتصرف الأرعن الذي يعد مؤشراً خطيراً لانحدار الرجولة والشرف والغيرة.
ليس على المرأة الاعتذار والتبرير للمتحرِّش، ولكن عليها الحشمة وقاراً لها وهيبة!