ماجدة السويِّح
أطلَّ الطفل «مازن كوفي» على متابعي السوشال ميديا بكل بساطة وعفوية معبرًا عن فرحته بمنزلهم الجديد، رغم بساطته في زمن متخم بالمظاهر والماديات. الطفل مازن ألهم الكثير من الناس بالاحتفاء بالنعم والقناعة بالرزق، دخل مازن قلوب الناس بابتسامته العريضة، وعفويته في التعبير عن فرحه وسط عالم مليء بكثرة الساخطين والمتحلطمين على كل شيء رغم كثرة النعم.
مازن الطفل الملهم أصبح نجمًا، الكل يتسابق على الاشتراك في قناته ومتابعته، وأضحى فرصة تسويقية ثمينة أمام الشركات والأفراد.
التسويق على منصات التواصل الاجتماعية تجاوز الحدود في التأثير على الأطفال وكذلك البالغين، خصوصا الحدود الأخلاقية في استغلال الأطفال كمعلن أو مستهلك للخدمات والبضائع المعروضة، كما تجاوز في بعض الأحيان حدود اللياقة والأدب في التعامل مع الفئات الخاصة من المجتمع التي تعاني من صعوبات جسدية أو نفسية، كإعلان «بيتزا هت» الساخر والمتزامن مع اليوم العالمي للتأتأة.
ينص المبدأ السادس من حقوق الطفل ومبادئ الأعمال باليونيسيف أنه ينبغي للشركات أن «تستخدم التسويق والإعلان الذي يحترم حقوق الطفل ويدعمها».
تجنيد الأطفال في تسويق المنتج صناعة مربحة تنمو بشكل كبير يومًا بعد يوم، وتتنافس الشركات في استخدام الأطفال وحساباتهم لأغراض تسويقية، دون النظر للتأثيرات السلبية على الطفل وبقية المستهلكين من الأطفال، حيث تسعى الشركات للتواصل معه وإرسال الهدايا له مجانا، ليقوم بتجربتها أمام متابعيه من خلال قناته على اليوتيوب أو حسابه على الانستقرام أو سناب شات، بل إن البعض من المشاهير من يستخدم أطفاله في التسويق والإعلان دون تفكير بحقوق طفله وعواقب عمله.
العديد من الدراسات أثبتت التأثير الكبير للإعلانات على الأطفال، فيمكن استهداف وتغيير التفضيلات الشخصية للأطفال لمنتج معين عبر الإعلان التلفزيوني، فما بالك بالإعلانات عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي! حيث تملك قوة أكبر في التأثير لغياب أو قلة التشريعات والتنظيمات التي تنظم العملية الإعلانية وتراعي حقوق الطفل، على سبيل المثال الدول الأوربية تتباين في التنظيمات المتعلقة بأخلاقيات الإعلانات التي تستهدف الأطفال، فيحظر الإعلان على الأطفال دون ال 12 عاما في السويد، بينما يسمح في فرنسا بإعلانات الأطفال باعتبارهم جزءًا من مجموع المستهلكين، لكن الغالبية يتفقون في وجود قيود على تلك الفئة، وفي أمريكا نجد أن المبادئ المتعلقة بتنظيم الإعلانات على الإنترنت أضعف من تلك المطبقة على التلفزيون.
«اللعب غير النزيه» هو أفضل وصف يمكن أن يطلق على تسابق المعلن في حالة «مازن»، فهو لعب يمارس دون اعتبار للطفل وحقوقه، ويزداد خطره مع جهل أو إهمال الوالدين لتعرض أطفالهم للمحتوى المسموم بالإعلان المستتر الذي تمارسه الشركات في تسويق خدماتها، ومنتجاتها لجمهور الأطفال، غير القادر على التمييز بين المحتوى الإعلامي والرسائل الإعلانية.
«اللعب غير النزيه» للمسوق في تبني قضايا أبطالها من الأطفال، أو استغلال أحداث ترتبط بالأطفال للتسويق المستتر بالمشاركة المجتمعية عبر المحتوى الملغوم بالإعلان، والمتوجه لجمهور الأطفال ينبغي أن يحظى باهتمام وزارة الإعلام، لتنظيم العبث الإعلاني على منصات التواصل الاجتماعية بالتعاون مع وزارة التجارة، التي كانت لها جهود مميزة في التصدي للغش والاستغلال من قبل الشركات أو المشاهير.