محمد سليمان العنقري
تجمع الرياض هذه الأيام أهم الشخصيات المؤثرة في عالم المال والأعمال دوليًا حيث يصل عددهم إلى 2500 شخصية جاؤوا من 60 دولة ليشاركوا في مبادرة مستقبل الاستثمار التي تحظى برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حيث تتم مناقشة التحديات والتوجهات التي ستشكل مستقبل الاستثمار عالميًا لعشرات السنوات المقبلة.
فالمملكة بعد أن حددت أحد توجهاتها لتنويع مصادر الدخل بأن تؤسس أكبر صندوق سيادي عالمي كجزء من رؤية 2030 م كان طبيعيًا أن تنطلق للتواصل مع أكبر المؤثرين بالاقتصاد العالمي من دول وشركات ورجال أعمال لأن الهدف هو تحديد أين تتجه بوصلة الاستثمار الدولية وأين تكمن الفرص وما التحولات المقبلة بكافة القطاعات الحيوية وكذلك تكنولوجيا المستقبل وأيضًا قطاع الطاقة وما ينتظره من تطور وتغيرات وعديد من القضايا الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي ستؤثر بتوجهات الاستثمار وتشكل اللبنات الأساسية لمستقبل الاستثمار.
إن استضافة صندوق الاستثمارات العامة لهذا المنتدى العالمي الضخم سيفتح الفرص أمامه على تطاق واسع أكثر مما تحقق من خلال ما تم مؤخرًا من شراكات في دول كبرى كأمريكا وروسيا واليابان وغيرهم للدخول لعالم الاستثمار الدولي بعد عقود من العمل بالاقتصاد المحلي حقق خلالها نجاحات مهمة أثمرت عن شركات كبرى لبعضها حضور عالمي مهم كشركة سابك إحدى أكبر شركات البتروكيماويات عالميًا إضافة لشركات بقطاعات الاتصالات وكذلك المالي وغيرها من الخدمات ومؤخرًا بقطاع التمويل العقاري وكذلك الترفيه وبعض الخدمات، إلا أن توجه الصندوق لاستثمار مبالغ ضخمة قد تصل لنحو 50 في المائة من أصوله المستثمرة في العالِمَ لا بد أن يكون له إستراتيجية مختلفة وقراءة دقيقة لمستقبل الاقتصاد العالمي وتوجهاته وفي أي جغرافيا ستكمن الفرص مما سيعزز من تحقيق أهداف الرؤية بتنويع مصادر الدخل مستقبلاً ولذلك فإن الانفتاح على هذه الشركات العابرة للقارات مثل جنرال إلكتريك عملاق الصناعة عالميًا وبلاك روك أكبر شركة استثمارات عالميًا التي تدير أصولاً بقيمة تتجاوز خمسة تريليونات دولار حتى نهاية العام الماضي وغيرهم ممن يوجدون بالرياض للمشاركة في المنتدى والمساهمة بما لديهم من خبرات وآراء تطرح بالمبادرة إِذ ستشكل هذه الفرصة للتجمع الكبير خطوة مهمة للانطلاق نحو تحديد التوجه القادم لاستثمارات الصندوق وشراكاته المستقبلية وكذلك ستكون فرصة مهمة لمجتمع الأعمال السعودي للقاء هذه النخب العالمية التي تنتشر شركاتهم بكافة القارات ولديهم المعلومات والمعرفة ببوصلة الاستثمار في أي القطاعات وكذلك هي فرصة لتعريف هذه النخب العالمية بقطاع الأعمال بالمملكة وما فيها من فرص وإمكانات عن قرب.
فالشراكات المنتظرة للصندوق وما سيستثمره مستقبلاً ستحدد لحد كبير ما سنعكس على الاقتصاد الوطني من عوائد تدر دخلاً يمثل نسبة مؤثرة من إيرادات الخزينة العامة وكذلك بما ينعكس من توطين لصناعات وتقنيات حديثة لتوليد فرص عمل نوعية ومجزية بالدخل للمواطنين وكذلك زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد لتقليل الواردات وزيادة الصادرات غير النفطية مستقبلاً ومن المأمول والمتوقع أن تكون للصندوق بصمات ودور قوي بتحقيق معظم هذه الاخداف التي تصب بجوانب من رؤية المملكة مما يعني أن هذا المنتدى سيمثل فرصة كبيرة للصندوق ولقطاع الأعمال الوطني لينطلق نحو آفاق استثمار مختلفة عن المراحل السابقة والتركيز على القطاعات والأنشطة الواعدة محليًا وعالميًا بل ستكون الفرصة مواتية لعرض الفرص الاستثمارية بالمملكة على هذه الشركات والشخصيات لاستقطابهم مستقبلاً في ظل المنافسة الدولية المحمومة لجذب المستثمرين.
تجمع ضخم قلما يحدث عالميًا بل يكاد يكون صعبًا في الشرق الأوسط إلا أن المملكة بما تملكه من ثقل سياسي واقتصادي كبير وهي عضو بمجموعة العشرين استطاعت تحقيقه واستضافة أكبر المؤثرين بالاقتصاد والتجارة والأعمال دوليًا في الرياض لتكون بداية مرحلة جديدة للاستثمار السيادي السعودي وكذلك لنقل وجذب الاستثمار العالمي للاقتصاد الوطني لتحقيق أهدافها بالانتقال لاقتصاد متنوع ومتعدد بمصادر الدخل.