«الجزيرة» - واس:
استعرضت جلسة بعنوان «إفريقيا الجديدة.. توسيع الفرص في القارة» التي عقدت أمس في مبادرة مستقبل الاستثمار، التحديات والفرص التي تمثلها النماذج المالية الجيدة من أجل خلق الفرص في الأسواق الأفريقية المعتمدة على النفط.
وأشارت إلى أنه ما تزال الآفاق واعدة على المستوى الاقتصادي للعديد من الدول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إلا أن الانخفاض الذي طرأ مؤخراً على أسعار النفط يتطلب استراتيجيات جديدة لاقتصادات الدول الأفريقية المنتجة للنفط، مبينة أن الدول المصدرة للنفط في هذه المنطقة تواجه ما يسمى «العجز التوءم»، أي وجود عجز في ميزانيات الدول مع تقلبات في أسعار السلع.
وأبانت الجلسة أنه لا يمكن خلق فرص للنمو دون وجود استثمارات جدية في قطاع الخدمات المالية، وأن هنالك 10 - 15 دولة يمكنها الاستثمار في إفريقيا، ومن أجل زيادة هذا العدد لا بد من إحراز إصلاحات على مستوى الأنظمة والتشريعات، إضافة إلى أن إفريقيا تستفيد حالياً من ترسخ حكم القانون، كما أن تطور بعض المؤسسات مثل الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تعد من المؤشرات الإيجابية، حيث استفادت نيجيريا من أسعار النفط المرتفعة، لكنها لم تستغل الإيرادات في تطوير البنية التحتية المحلية، كما أن هنالك عدد كبير من الفرص في مجال الزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولاسيما أن 60 % من القوة العاملة تعمل في هذا القطاع، وفي الوقت ذاته فإن هذا القطاع لا يمثل سوى 6 % من إجمالي الناتج المحلي.
وأوضح رئيس مجلس الإدارة والمؤسس المشارك لشركة أطلس مارا بوب دياموند، أنه لا يمكن خلق فرص للنمو دون وجود استثمارات جدية في قطاع الخدمات المالية ولا بد من إيجاد طرق لتشجيع تقديم القروض لمنشآت الأعمال الصغيرة والمستهلكين.
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لشركة أواندو، أدويل تينوبو، أن هناك أولوية لتيسير أنشطة الأعمال، ونحن بحاجة إلى إقرار رسوم جمركية معقولة.
من جانبه، أفاد رئيس مجلس إدارة شركة سينوهيدرو، سونغ دونشنغ، أن الإمكانات في الكهرباء لا تصل إلا لحوالي 30 % من السكان في بعض الدول الأفريقية.
وبين نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة صَن جروب، شيف فيكرام كيمكا أن البنية التحتية للتعليم في أفريقيا أمر في غاية الضرورة.
الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا
على صعيد متصل ناقشت جلسة الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا في مبادرة مستقبل الاستثمار التي عقدت أمس، التغيرات الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي والإنترنت وتقنية البلوكتشين والواقع الافتراضي، التي تفرض وجودها وتنتشر بشكل أوسع، وهي تطورات لها إمكانات هائلة على مستوى الأعمال الحالية وتحويل أنماط معيشتنا.
وأجمع المتحدثون خلال الجلسة على أن التقنية تجذب أنشطة استثمارية ضخمة، وهنالك تسابق بين الشركات الناشئة والشركات الراسخة في القطاع من أجل تطوير أحدث التقنيات والسيطرة على السوق، حيث يتوافد المستثمرون على هذا القطاع من أجل الاستفادة من أحدث الاتجاهات، مبينين أن التركيز ينصب على الابتكارات الضخمة المقبلة وتأثيرها، وأن 60 % من سكان العالم ما يزالون غير مرتبطين بشبكة الإنترنت، بالإضافة إلى ضعف الوصول إلى خدمات التقنية والاتصالات الأساسية، بالرغم من الإمكانات الكبيرة التي توفرها التقنية في حياة الناس وأعمالهم.
وقال ولفغانغ بوك من مجموعة بوسطن للاستشارات: «نحن بحاجة إلى خمس خطوات أساسية لجني ثمار التحول الرقمي متمثلة في بناء بنية تحتية متطورة وسريعة للاتصالات، وضمان السلامة والأمن الرقميين، وبناء المحتوى وتوفير الخدمات المناسبة، وتمكين الناس من التأقلم مع الرقمنة، ورقمنة الشركات والحكومات».
من جانبه، أكد المؤسس المشارك في نورث آيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية غلين هتشنز أنه يمكن عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي التفاعل مع البيانات واستيعابها والشعور بها، مبيناً أن العديد من المهام التي نقوم بها اليوم ستحول إلى برمجيات.
من جهته بين الرئيس التنفيذي رئيس مجلس الإدارة إندستري هاك، وبيتري فيلين أن التكنولوجيا ستصبح أقل ظهوراً، وستصبح عنصراً مدمجاً وتلقائياً في حياتنا.
بدوره أبان رئيس مجلس إدارة آيديت ديجيورلد، وفرانسوا باراولت، أن على الحكومات يقع دور ومسؤولية تتعلق بتيسير سبل التعامل مع الفجوة الرقمية، وذلك عبر السياسات العامة والاستثمارات في البنية التحتية.
دور الجيل المقبل من الشباب في إعادة تشكيل الأعمال
وفي شأن آخر، أجمع عدد من رواد الأعمال العالميين في مبادرة مستقبل الاستثمار، على دور الجيل المقبل في إعادة تشكيل عالم الأعمال والثقافة والاستثمار والمجتمع، وذلك خلال الجلسة النقاشية الصباحية في اليوم الثاني من المبادرة التي تنعقد في الرياض.
وتطرق المتحدثون إلى التوجه العالمي لدى الجيل الجديد في سوق العمل اليوم، مشيرين إلى أن الحوافز على صعيد ريادة الأعمال تتجاوز في أهميتها مجرد النظر إلى الأرباح.
وتناول الشريك المؤسس في شركة «فيفتي ييرز» سيث بانون، وهي إحدى الشركات التقنية الرائدة في سيليكون فالي، أهمية القضايا الاجتماعية والبيئية للشباب اليوم، مبيناً أن خيبة أمل الشباب اليوم ليست من الرأسمالية، التي سيطرت على العالم خلال الأربعين عاماً الماضية.
وتوقع أن يحدث الجيل المقبل تحولاً على مفهوم الرأسمالية، بحيث يحقق توازناً بين الأرباح ومعالجة المشاكل التي يعاني منها المجتمع، مفيداً أن رواد الأعمال الجدد الذين يطلقون مشاريع أعمال تهدف إلى التعامل مع مشاكل العالم الملحة يملكون فرصة أكبر لتحقيق النجاح.
ومن جانبها، أوضحت رئيسة شركة ديدي شوكسنغ الصينية لمشاركة الرحلات جين ليو، التي يبلغ عدد مستخدمي تطبيقها 400 مليون في الصين، الأثر الكبير للتقنية في تحفيز الاتجاهات الجديدة وتوفير الفرص، مستعرضة التقدم الذي حققته شركتها، مشيرة إلى أنه قبل خمس سنوات لم يكن سائقو سيارات أجرة في الصين يستخدمون هواتف ذكية.
بدوره، أفاد مؤسس مجموعة مارا الأفريقية أشيش تاكر، الذي بدأ مسيرته في عالم ريادة الأعمال في سن الخامسة عشر، أن الاستدامة أمر في غاية الأهمية، مفيدًا أن الشباب عبر القارة حريصون على الانخراط في العالم، ويبدون استعدادات كبيرة على مستوى ريادة الأعمال، والشباب ليسوا قادة المستقبل، بل هم قادة اليوم.
وتطرقت الرئيسة التنفيذية لمستشفى وعيادات أستر دي أم للرعاية الصحية في الإمارات العربية المتحدة أليشا موبين، لكيفية عمل الشباب اليوم على تحفيز التغيير على مستوى الحكومة، متناولة قيام دولة الإمارات بتعيين وزراء للسعادة والذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار سعيها لتبني الاتجاهات الناشئة والاستفادة منها.
يذكر أن مبادرة مستقبل الاستثمار ينظمها صندوق الاستثمارات العامة بين 24 و26 أكتوبر 2017م في الرياض، وتعتمد المبادرة على نظام الجلسة المغلقة بدعوات حصرية، ويجتمع فيها أهم قادة الأعمال والاستثمار في العالم من أجل استكشاف الاتجاهات والفرص والتحديات التي سترسم ملامح الاقتصاد العالمي وبيئة الاستثمار في العقود المقبلة.
تجربة أوروبا في مواجهة البطالة ونمو الإنتاج المحلي
كما استحضرت جلسات مبادرة مستقبل الاستثمار، التجربة الأوروبية، في مواجهة البطالة، ونمو الإنتاج المحلي، بعد عقود من الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها عدد من أصقاع أوروبا، وتحول تلك المعوقات من معضلات اقتصادية، إلى أداءٍ متفوق.
وركزت الجلسة التي جاءت تحت عنوان «أوروبا: عودة أم انهيار» وجمعت عدداً من المختصين على انخفاض البطالة في السوق الأوروبي، المقرون بنمو الإنتاج المحلي المطرد، مع وضع تساؤلات عدة، تتمحور حول الآفاق المتوقعة لكبرى أسواق العالم، كون السوق الأوروبي أحد أبرز الأسواق المؤثرة على المستوى العالمي.
وخلصت إلى أن النمو المشترك، يظل شيئاً ممكناً في أوروبا، لو اتجه القادة والمواطنون الأوروبيون إلى التفاؤل وتخلوا عن السلبية، فيما ينبغي ألا يفسح المجال أمام التهاون، حيال تعرض معدلات النمو للخطر، والحاجة إلى مواصلة تبني الإصلاحات الهيكلية لتأمين مستقبل المشروع الأوروبي، فيما تشمل المجالات الأساسية ذات الأولوية على صعيد الإصلاح، بناء قدرات رأس المال البشري، وحماية دور البنك المركزي الأوروبي بوصفه حكماً وجهة تنظيم، وتشجيع الابتكار عبر القطاعات كافة، بما فيها البنوك ومؤسسات التمويل، والاستثمار في البحث والتطوير للتنافس مع الاقتصادات العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
واشترطت أن يقدم الممثلون من المؤسسات الوطنية، استنتاجات إيجابية بشأن حالة التقدم في بلدانهم قياساً على الأمم الأوروبية الأخرى، وأن الإيمان بأن الآفاق المستقبلية في أوروبا مبشّرة، وهو الشيء المشترك الذي يجمع بينهم، لكن يمكن بذل المزيد من الجهد لتعزيز منطقة اليورو في مواجهة الصدمات المستقبلية المحتملة.
وقال المحرر التنفيذي في مجلة الإيكونوميست دانيال فرانكلين: «هناك كلمة ترتبط حالياً بأوروبا لم ترتبط بها منذ زمن، وهي التفاؤل».
فيما أوضح المؤسس والرئيس، لبوسيتيف بلانيت، جاك أتالي أن فرنسا تتمتع بقيادة سياسية قوية وأجندة إصلاحية قابلة للتحقيق، مؤكداً أن مسؤولية الاستجابة تقع على عاتق البلدان الأوروبية الأخرى لا فرنسا بمفردها.
وأكد كبير الاقتصاديين في مجموعة سيتي غروب ويليام بيتر، أن التعافي الدوري ناتج عن حقيقة أن أوروبا كفّت عن إثارة المتاعب لنفسها بشكل يومي، وتحولت إلى فعل ذلك بشكل أسبوعي.
ووصف الرئيس القُطري لروتشيلد غروب، في ألمانيا مارتن رايتز الاقتصاد الأوروبي بذي الدرجة الكبيرة من العالمية، مبيناً أنه كلما نما شيء في العالم، نمت معه أوروبا.
ووجد الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة يورونكست ستيفان بوجناح، أن الابتكار والاستثمار في رأس المال البشري، هو السبب الوحيد في نجاح أوروبا في وجه التحديات المعقدة.
وقال بخصوص عنوان هذه الجلسة: «إذا كنتم تؤمنون بأن أوروبا انهارت فستخسرون أموالاً، وإذا كنتم تؤمنون بأن أوروبا عائدة فسوف تربحون أموالاً».
وبين رئيس مجلس إدارة بنك بي إن بي باريبا جان ليمير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ينتهج مساراً مختلفاً تجاه أوروبا وليس الكل متفقين معه في ذلك، والفائز من وراء الانتخابات الفرنسية هو أوروبا.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الإيطالي، قال الرئيس التنفيذي ليوني كريديت غروب، جان بيير مستيه، «الاقتصاد الإيطالي من أقوى البلدان في الخبرة الهندسية في أوروبا».