ياسر صالح البهيجان
التمريض مهنة إنسانيّة عظيمة وركيزة رئيسة لا يمكن لأي منشأة صحية أن تضطلع بدورها الطبي دون وجود كادر تمريضي رفيع المستوى. وتأنيث مجال التمريض ضرورة لنمو القطاع الصحي في المملكة، وقادر على توفير فرص وظيفية أكبر للمواطنات المؤهلات الراغبات في ممارسة المهنة الشريفة.
ثمة عوائق كبرى تعرقل مساعي سعودة مجال التمريض، وتجعل منه بيئة طاردة للفتيات السعوديات، منها: محدودية مقاعد القبول في كليات التمريض الحكومية، وارتفاع تكلفة الدراسة في الجامعات الأهلية، إضافة إلى قلة الوعي المجتمعي بشرف المهنة ونزاهة أخلاق العاملات فيها، فضلاً عن ساعات العمل الليلية وتدني الحوافر والأجور.
الممرضات السعوديات في القطاع الصحي لا تتجاوز نسبتهن 30 بالمائة، والمستشفيات تشتكي من قلة الكوادر الوطنية في هذا المجال في ظل تقليص الكليات الصحية لأعداد المقبولات في تخصص التمريض رغم حجم احتياج القطاع للخريجات المؤهلات، ولن نتمكن من رفع نسبة التوطين إلا أن أدركت المنشآت التعليمية دورها في زيادة معدلات القبول، وخفض الاشتراطات عند التقديم، لتتماشى مخرجاتها مع التحولات الوطنية الكبرى الساعية لتمكين المرأة في المجالات الخدميّة كافّة.
كما أن مهنة التمريض لا تزال تواجه نظرة مجتمعية دونية، والجهات المسؤولة عن القطاع الصحي تتحمل جزءًا من مسؤولية تدني احترام بعض شرائح المجتمع للعاملات في ذلك المجال، إذ يجري تهميشهن ومعاملتهن بطريقة قاسية، علاوة على غياب وثيقة مهنية للتمريض في المملكة تتضمن تعريفات واضحة لمهام الممرضات، ولن نغفل دور المؤسسات التعليمية والإعلامية في نشر الوعي لدى أفراد المجتمع، والتأكيد على مدى التضحيات التي يقدمنها الممرضات السعوديات أثناء عملهن لخدمة المرضى والحرص على سلامتهم بكفاءة وتأهيل عالٍ.
وإن أردنا جعل مهنة التمريض جاذبة للمواطنات، إعادة النظر في ساعات عملهن الطويلة التي تصل إلى 12 ساعة يوميًا، وأحيانًا في ساعات متأخرة من الليل، إضافة إلى توفير مواصلات آمنة لهن، وإيجاد حوافز مالية وبدلات وأجور تتناسب مع ما يبذلنه من جهود وتحديات، ومنحهن امتيازات تفوق العاملات المستقدمات في ذات المجال، إذا ما علمنا بأن التزاماتهن ومسؤولياتهن أكبر من غيرهن، وكثير منهن يجمعن بين الأعباء الأسرية والعمل في مهنة التمريض، ما يجعل الضغوط عليهن ضخمة، وقد يضطر بعضهن للتخلي عن العمل ما لم تجد التقدير والاحترام اللائق بها.
الممرضات السعوديات مستقبل القطاع الصحي الواعد، فهن قوة وطنية عاملة لا يقل شأنهن عن الأطباء والطبيبات. لديهن الحماسة والدافع الإنساني للتميز في هذه المهنة الشريفة، ولا ينتظرن سوى الدعم والتحفيز، وهن جديرات بإثبات كفاءة المواطنات في شتى المجالات الخدمية.