د. محمد عبدالله الخازم
عند الحديث عن الأنظمة الصحية المختلفة يكون النظام الكندي في مقدمة الأمثلة التي يُشار إليها بالبنان في مجانية خدماتها الصحية، وكونها تقدَّم عن طريق حكومات مقاطعاتها المختلفة. أحاول تبسيط نظام الدفع للخدمات الصحية الكندية في هذا المقال استجابة لنقاش حول التأمين الصحي الكندي. لكل مواطن أو مقيم بطريقة دائمة حق الحصول على كارت صحي من المقاطعة التي يسكنها (يسمونه [كارت صحي] وليس تأمينًا) يضمن له العلاج في عيادات طب الأسرة والمستشفيات والعيادات الأخرى. لا توجد مستشفيات خاصة، وإنما بعض الخدمات المساندة كالمختبرات والأشعة. وهذه أيضًا تحاسَب عن طريق الحكومة. بمعنى آخر، المواطن أو المقيم لا يعلم حجم ما يُصرف على الخدمة الصحية المقدَّمة له، وليس له علاقة بعقود تأمينية أو خلاف ذلك. لا توجد بوليصة تأمين يتم التفاوض عليها، ولا توجد مفاوضات مع شركات تأمين، وتتولى الحكومة بالمقاطعة تولي الدفع عن طريق دخلها من الضرائب أو العوائد الأخرى، وفي الوقت نفسه هناك دعم تحصل عليه مقاطعات الولايات من الحكومة الفدرالية في هذا الشأن.
بالنسبة لطب الأسرة (الرعاية الأولية) لأي طبيب أسرة أو مجموعة أطباء أسرة افتتاح عيادة/ عيادات طب أسرة، وتدفع لهم الحكومة عن طريق كارت العلاج وفق ما يقدمونه من علاج ورعاية صحية. ويُعتبر طب الأسرة نقطة التواصل الأولى - باستثناء الحالات الطارئة - مع المريض، ويتولى كل طبيب أسرة رعاية عدد من الأسر وأفرادها. لا يمكن للمريض الذهاب للخدمات الصحية الثانوية والتخصصية دون تحويل من طبيب الأسرة، ويفتتح أغلب أطباء الأسر عيادات تسمى (عيادات ما بعد الدوام)، أو عيادات بدون موعد، لمن يريد المراجعة بدون موعد، أو في الحالات البسيطة التي لا تستوجب الطوارئ في المستشفى. المريض غير المسجل مع طبيب أسرة يذهب عادة لمثل هذه العيادات بدون موعد، لكن ينصح دائمًا بتسجيل أفراد الأسرة مع طبيب واحد. عيادة طبيب الأسرة قد تكون مبسطة جدًّا: طبيب وسكرتارية (لتنظيم الملفات والاستقبال والمواعيد والحسابات)، وقد تكون ضمن مجمع يحوي خدمات عدة وعددًا من الأطباء.
تكاليف الخدمة الصحية في كندا متواضعة مقارنة بالنموذج الأمريكي، لكنها تظل مرتفعة مقارنة بدول مثل المملكة. فاتورة الخدمات الصحية في كندا بسكانها البالغين 35 مليونًا تقريبًا تصل إلى 200 مليار دولار، أو ما يعادل 600 مليار ريال سعودي، وهو يعادل 4 - 5 أضعاف الفاتورة الصحية بالسعودية.
إذًا، يمكن القول إن الضرائب التي يدفعها المواطن جزء منها غير محدد، ويصعب حسابه بدقة، يذهب لفاتورة العلاج الصحي (يقدر بنسبة 30 - 45 % من الضرائب)، لكن المواطن لا يقلق على حساب التكلفة والتغطية الصحية؛ فالخدمة للجميع بدون استثناءات أو تمييز لفئة دون أخرى، وكل ما عليه إبراز كارته الصحي لمقدِّم الخدمة، والباقي تتولاه الحكومة. لا توجد شركات تأمين وسيطة بين الدولة ومقدمي الخدمات الصحية. والدولة تتكفل بالعلاج، سواء على مستوى طب الأسرة، أو الخدمات التشخيصية والعلاجية الأخرى في الغالب. توجد شركات تأمين خاصة محدودة، تقدِّم خدمات إضافية، أو تتعامل معها البعثات الأجنبية. كما يوجد للطلاب الأجانب تأمين صحي محدود عن طريق الجامعات.