الجزيرة - سالم اليامي / تصوير - إبراهيم الدوخي:
أعلن ياسر الرميان المشرف على صندوق الاستثمارات العامة أن الصندوق سيسهم بمبلغ 20 مليار دولار في صندوق مع شركة الاستثمار المباشر الأمريكية بلاكستون حجمه 40 مليار دولار. وقال الرميان خلال الجلسة الأولى لمبادرة مستقبل الاستثمار التي انطلقت فعالياتها في الرياض أمس أن الصندوق سيستثمر في الاقتصاد التقليدي بما في ذلك قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم، كما تطرق إلى استراتيجية الاستثمار التي يتبناها صندوق الاستثمارات العامة، والتي تسعى إلى توطين التقنيات الحديثة في المملكة والتي من المتوقع أن تخلق أكثر من 20 ألف وظيفة بحلول عام 2020م. وتناولت الجلسة الافتتاحية لمبادرة مستقبل الاستثمار الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي خلال العقود المقبلة، وأهمية الذكاء الاصطناعي والبيانات في اقتصاد المعلومات الجديدة والمدن الذكية، بحضور ومشاركة المستثمرين وقادة ورواد المال والأعمال من كافة أرجاء العالم.
الاقتصاد العالمي في مواجهة التحديات
من جهتها قالت كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في حديثها خلال جلسة النقاش الأولى أن الصورة الحالية للاقتصاد العالمي أكثر إيجابية مما كانت عليه خلال الفترة الماضية، حيث من المتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي نمواً بنسبة 3.7 بالمائة. ولكنها في الوقت نفسه حذرت من أن المجتمع الدولي يواجه تحديين أساسيين قد يؤثران بشكل كبير على التنمية خلال الخمسين عاما المقبلة، ألا وهما التغير المناخي والمخاطر الناجمة عن تزايد عدم المساواة في العالم. ورأت لاغارد أنه من الضروري التعامل مع هذين التحديين من أجل ضمان مستقبل إيجابي.
وقالت لاغارد:إذا نظرنا للخمسين عاما القادمة، ففي اعتقادي أن هناك بعض القرارات المحورية التي يجب اتخاذها، نحن نتحدث عن مستقبل، فالتغيرات لا تتعلق بالجانب الديموغرافي أو السكاني، بعد 50 عاما سوف يتغير المجتمع وسيصبح متقدما في السن والأسواق الناشئة وظهور اقتصاديات جديدة في آسيا وأفريقيا، وهذه الامور تتغير بوتيرة سريعة، لكن المطلوب سريعاً الآن هو معالجة أمرين الأول التغير المناخي إذا لم نقم بأي شيء بعد 50 عاما سنجد الأمر قد وصل إلى مرحلة سيئة، وهذا يعني أنه بعد 50 عاما من الآن سيصبح النفط السلعة الثانية وهذا ما فكرت فيه المملكة العربية السعودية وهذا يسعدني كثيرا، الامر الثاني هو عدم المساواة بين الرجل والمرأة، مرة أخرى السعودية تتخذ إجراءات سريعة حيال هذا الأمر، كما أن الدول التي لم تتخذ إجراءات بالنسبة للتغير المناخي تعاني كثيراً، وفي حال لم نتخذ أي إجراءات إزاء هاتين النقطتين سنتجه إلى 50 عاما من الظلام، وأضافت: مراكز القوى تختلف ربما لن تصبح الدول القوية قوية بعد 50 عاماً، هناك مدن جديدة ربما تقود عجلة التقدم.
مصادر الطاقة البديلة وكفاءة الاستهلاك
فيما تحدث أمين الناصر الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين في شركة أرامكو وقال: نحن سعداء باحتضان المملكة هذا المنتدى الضخم على الصعيد العالمي، والأول من نوعه في المنطقة، والذي يجسد تطلعات المملكة بأن تكون القوة الاستثمارية الرائدة في العالم بما يخدم تنويع الاقتصاد. وأرامكو السعودية تفخر بدورها المهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 التي تشمل دعم التنوع الاقتصادي، وتعزيز دور القطاع الخاص، ونسعى لأن نكون الشركة العالمية الرائدة والمتكاملة للطاقة والكيميائيات من خلال تحقيق التكامل في منظومة القيمة، ومضاعفة الطاقة التكريرية، وإيجاد صناعات جديدة، وتوفير فرص العمل». وأضاف: «في الوقت نفسه، تركز تقنياتنا على التصدي لتحديات التغير المناخي وانبعاثات الكربون عبر تطوير الوقود فائق النظافة وعلى وسائل التقاط الكربون وتخزينه». وأشار الناصر إلى جهود أرامكو السعودية لرفع كفاءة قطاع الطاقة من خلال التوطين والتوسّع في مجال الطاقة المتجددة، مشيراً إلى الإمكانات الكبيرة التي توفرها مصادر الطاقة البديلة، لكنه أكد في الوقت ذاته على أن الهيدروكربونات ستستمر في أداء دور أساسي في الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة، لافتا إلى أهمية استكشاف سبل جديدة تساعد في خفض انبعاثات الكربون وجمعها، بالإضافة إلى تطوير نظم لتحقيق كفاءة أكبر في استهلاك الطاقة، إلى جانب العمل على تطوير الإمكانات في مجال الطاقة المتجددة.
البيانات الضخمة وأهمية الاقتصاد المعرفي
وتناولت الجلسة الثانية في اليوم الأول لمبادرة مستقبل الاستثمار الحجم الهائل للتغيرات والفرص المحتملة المرتبطة بالبيانات الضخمة التي تدخل في اقتصاد المعرفة الناشئ. وأكد توماس كينيدي، الرئيس التنفيذي لشركة رايثيون على أن العالم لم يشهد سوى البداية للدور الأساسي الذي ستلعبه البيانات الضخمة في الاقتصاد العالمي، وتوقع أن تكون الانطلاقة الحقيقية لهذه التطورات خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
فيما أكد تيدجين ثيام، الرئيس التنفيذي لشركة كريدي سويس أهمية ثورة البيانات وإمكاناتها المثيرة، إلا أنه عبر كذلك عن ضرورة التعامل مع المخاطر المتزايدة على مستوى أمن المعلومات. بينما أكد جوي كايسر، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز على أهمية الاتفاق على ما ينبغي أن يكون الهدف الذي تمثله البيانات، لافتا إلى أن البيانات الضخمة تستطيع مساعدة البشرية على تجاوز العديد من المشاكل الراهنة، وقال: إن البيانات تستطيع مساعدتنا حتى في التغلب على مرض السرطان».
من جهته أطلق أجاي بانغا الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة ماستر كارد دعوة لتطوير نظم جديدة على مستوى السلامة والمعايير الأخلاقية من أجل ضمان عدم تضييع الفرصة التي تمثلها البيانات الضخمة بسبب إساءة الاستخدام. فيما أكد محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار على أهمية استخدام البيانات الضخمة، ليس من أجل تحقيق المنفعة التجارية وحسب، ولكن من أجل تحقيق المنفعة للمجتمع. وتطرقت لبنى العليان، الرئيسة التنفيذية لشركة العليان المالية إلى الدور الذي شكلته البيانات الضخمة في مساعدة شركتها على تحسين كفاءة العمليات وخفض التكاليف وابتكار المنتجات الجديدة، كما أدلت بإشارة إيجابية حول تنامي حس المسؤولية الاجتماعية لدى الجيل الجديد، وأهمية ذلك في توجيه استخدام البيانات الضخمة لأغراض إيجابية. من جهته قال توني بلير، رئيس الوزراء الأسبق في المملكة المتحدة، أن الدول تمتلك وهي تواجه التحديات الراهنة اليوم أن تختار بين التركيز المحلي الضيق أو الإقدام على الإصلاح. وفي تعليقه على رؤية 2030 قال بلير إنها أهم أمر يحدث في المنطقة في السنوات القليلة الماضية. أما فيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها فقال: «من الضروري أن تحقق الرؤية النجاح لأنه سيكون لها تأثير في المنطقة وعلى الأمن في بقية أرجاء العالم».