إذا صدّقتَ بعض مراقبي أنظمة الذكاء الاصطناعي، فستجد أننا في سباق نحو ما يُعرف بنقطة «التفرد» التكنولوجي، وهي نقطة افتراضية تتفوق عندها أجهزة الذكاء الاصطناعي على ذكائنا نحن البشر، وتواصل تطوير نفسها بشكل مذهل يفوق كل توقعاتنا في تغيير نظام الخدمات الصحية التقليدية بالمملكة من خلال أنموذج تشغيل وطني، أثبت فاعليه عالمياً في تحسين مستويات جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.
فالمملكة أنفقت على مدى 65 عاماً مضت أكثر من 600 مليار ريال على الخدمات الصحية بمعدل إنفاق سنوي يفوق 9 مليارات ريال، مما يستدعي النظر في مدى انعكاسها على جودة ومستويات الرعاية الصحية وتطوير قطاع الصحة عامةً، فالأنظمة التقليدية للرعاية الصحية باتت مرهقة ومكلفة لميزانيات الدول في مقابل تكاليف ونتائج أفضل للخدمات الصحية المرتبطة بالتكنولوجيا والتقنية الحديثة، ومن خلال المخطط البياني أدناه نجد زيادة مطردة في الإنفاق، وزيادة في أعداد الأطباء، يقابله انخفاض حاد في إنتاجية الطبيب.
فبينما تتزايد مشاركة المنظومات الذكية بصورة أكبر في عمليات اتخاذ القرار في العديد من المجالات كماً ونوعاً على نطاق واسع عالمياً لم نستعد لها بعد، مثل تغيير علاقاتنا بالأطباء في حالة الاعتماد على تلك الأجهزة بصورة كاملة في مجال الطب، أو تغيير وسائل مراقبة خدماتنا الصحية أيضاً.
فمن أهم الاختراعات في هذا المجال ما يعرف بنظام «واتسون» الطبي بتطوير شركة «آي بي إم» الأميركية، وفيها يحتفظ واتسون الرعاية الصحية بأكثر من 2 مليون ورقة شخص خلالها الحالات المرضية وطرح سبل العلاج من خلال التخاطب باللغة الإنجليزية الطبيعية. كما عمل على تشخيص الأمراض ومساعدة الأطباء في اتخاذ قرارات لمعالجة المرضى، مقللاً من نسبة الأخطاء الطبية، بل ويعد طفرة في مجال تشخيص الأمراض ومعالجتها، من خلال قاعدة ضخمة للمعلومات الطبية مع القدرة الكبيرة على تحليل ومعالجة البيانات.
وفي المقابل نزل سوق الخدمات الصحية النفسية الخاص بالمملكة جهازًا جديدًا لعلاج الأمراض النفسية والعصبية لا تتجاوز قيمته 200 ألف ريال، وهو جهاز التحفير المغناطيسي عبر الجمجمة transcranial magnetic stimulation النيورستار المعروف العلاج الأول والوحيد في المملكة والوطن العربي، في علاج الاكتئاب بدون أدوية وبدون جلسات سلوكية وبدون تخدير وبدون أي أثر على وظائف المخ، كما يعالج الرهاب والوسواس القهري خلال جلسات غير طويلة، مدة الجلسة 37 دقيقة، إذ تتراوح نسب الاستجابة ما بين 30:20 جلسة، وقد يُشفى المريض خلال أربع جلسات.
أخيرًا: يجب أن نفهم هذه التطورات النوعية، لما لذلك من فارق تُحدثه هذه التقانة في مستويات وجودة خدمات الرعاية الصحية، إضافة إلى قلة تكاليفها ونتائجها الأفضل.
** **
- عبد الرحمن بن سليمان السويِّد
assaweed2020@gmail.com