د. صالح بكر الطيار
تطرقت الأسبوع الماضي إلى سفاراتنا في الخارج وما تتطلبه المرحلة القادمة من تخطيط وإستراتيجيات ومطالب الرعايا السعوديين بالخارج وطموحات الوطن وتحقيق الأهداف المستقبلية.
منذ أن كنت طالبا في فرنسا واستمرار ترددي عليها سنين طويلة ومعايشتي للأجواء الدبلوماسية هناك ومطالب الرعايا وانعكاسات العمل الخارجي على جهات صناعة القرار والجهات العليا في باريس والقاهرة. ولأني قريب من السفارة وأعمالها في باريس بحكم اجتماعاتنا ولقاءاتنا مع الإخوة المسؤولين بالسفارة وعلى رأسهم معالي السفير الدكتور خالد العنقري فقد لمست بكل فخر ما تقوم به السفارة من أعمال ومن تطوير في منظومة العمل الديبلوماسي ونقل الرؤية السعودية 2030 إلى القطاعات المعنية في فرنسا من وزارات وبرلمانات وحكومة ولعل آخرها تلك الكلمة التي قالها السفير العنقري أمام البرلمان الفرنسي وتضمنت تفصيلا وتحليلا عن خطط المملكة ومواقفها من التحديات وأيضًا ما تضمنته الرؤية السعودية وسبل التعاون المأمول مع الجانب الفرنسي في عدة مجالات وأوجه
وأعد هذه الكلمة نقلة في تاريخ العمل بالسفارة حيث إنها لم تشهد السفارة خلال الثلاثين عاما الماضية كلمة للسفير أمام البرلمان متضمنة ما تضمنته كلمة السفير التي لمست من خلال علاقاتي واجتماعاتي مع قيادات فرنسية من أثر إيجابي كبير وإشادة في الأوساط الفرنسية لما تم خلال الاجتماع مع البرلمان وأيضا ما تتناقله وسائل الإعلام الفرنسية وقطاعات صناعة القرار عن جهود السفارة السعودية بباريس وما تحمله تلك الأنشطة من ابتكار وتطوير في آليات العمل والتعاون المشترك.
وهنا أتحدث عن السفير العنقري لأنه تم تعيينه في دولة عظمى مثل فرنسا وقدم من التعليم العالي وتمكن من إحداث فرق رغم حداثة عهده بالدبلوماسية وهنا لا أقلل من شأن الآخرين فهنالك السفراء المخضرمين الذين خاضوا التجربة من ميدان الخارجية لأعوام تشربوا الخبرة مثل السفير أحمد قطان ودوره الريادي في جامعة الدول العربية كمندوب السعودية وجهوده في مصر والعلاقات ودوره في بلورة المواقف بإستراتيجيته المعهودة والسفير عبدالعزيز خوجة وغيرهم من المميزين ولكني أتحدث عن تجربة السفير العنقري من باب المقارنة في الخبرات الدبلوماسية والمعطيات.
تشكل السفارات في الخارج منهجًا للتعامل مع الحكومات وممثليات تقوم بدور وطني كبير في الخارج لرفع اسم الوطن عاليًا وفي سبيل تحقيق الأهداف المناطة بها وتذليل كل الصعوبات والعوائق أمام الرعايا السعوديين في خارج المملكة وأيضًا توفير أجواء مريحة للسعوديين المتوجهين إلى دول الخارج من أجل إنهاء أمورهم ومساعدتهم الأمر الذي يجعل المسؤولية مضاعفة والأمانة مناطة بهم في أداء الأعمال بكل دقة وكفاءة.
في سفارتنا بباريس نموذج وفي سفارات أخرى نماذج ستكون أعمالها مفخرة لكل السعوديين الذين يعتبرون السفارات وطنًا لهم في دول الغربة وأتمنى أن يتواصل تناقل الخبرات بين السفارات وأن تعمم وزارة الخارجية الأعمال المميزة من السفارات المتميزة لتنقل إلى أخرى في قارات العالم حتى تكون في مستوى طموح قيادتنا الرشيدة التي وفرت كل شيء وحرصت وستظل في توجيه السفراء على خدمة المواطنين وعلى نقل الصورة الحقيقية للدول في الخارج عن السعودية ومواقفها وعملها وافقها ورفع مستوى العلاقات الثنائية مما في شأنه خدمة الوطن والمواطن.
ومن هذا المنبر أننا نعلن اعتزازنا بما تقدمه سفاراتنا في الخارج وأن هذا الأداء إنما هو إكمال لملحمة من العمل المشرف في الخارج مما جعل المملكة تتسيد في كل المناسبات وترفع اسمها الكبير في كل المواقع.