جواندونج - الجزيرة - عماد المديفر وصلاح أحمد:
لا تزال نتائج الزيارة التاريخية التي قام بها الملك سلمان إلى روسيا مؤخرًا تحظى باهتمام مختلف المراقبين والمعلقين حول العالم. حيث أجرت شبكة سبتونك الروسية حوارًا حول نتائج الزيارة مع الدكتور تييري بروس زميل الأبحاث في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة وعضو المجلس الروسي الأوربي لشؤون النفط والغاز، الذي أشار إلى أن صفقات الطاقة والاستثمار التي تم الاتفاق عليها بين المملكة وروسيا خلال هذه الزيارة المهمة ستعود بالنفع الكبير على الجانبين مؤكدًا وجود العديد من النقاط المشتركة بين الطرفين.
وأضاف: إن المملكة ستقوم بعدد من الاستثمارات في روسيا لكنها بالمقابل ستحصل على التكنولوجيا المتقدمة التي تعد من أرفع طراز في العالم بجانب أنها ستحصل عليها بأسعار أفضل.
وذكر أن زيارة الملك سلمان، التي كانت تاريخية بالفعل، أسفرت عن العديد من الاتفاقيات الثنائية وعززت مختلف صور التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار، حيث وقع صندوق الاستثمار المباشر الروسي مذكرة تفاهم حول التعاون المحتمل بين شركة أرامكو وشركة البتروكيماويات الروسية «سيبور». كما وقعت شركة «غازبروم» العملاقة في روسيا مذكرة تفاهم مع شركة أرامكو حول التعاون في مشاريع الغاز، بما في ذلك إنتاج الغاز الطبيعي المسال، كما وقع الصندوق اتفاقيات استثمارية بقيمة تزيد عن 2 مليار دولار مع شركاء سعوديين.
وتعليقا على المزايا الاقتصادية والمنافع التي ستجنيها المملكة من هذا التعاون، أكد بروس أنها عديدة، فبالإضافة إلى الحصول على أحدث التقنيات في مجال النفط والغاز، فمن الممكن للمملكة أيضًا الاستفادة من تجربة روسيا في إدارة هذين القطاعين، لا سيما من خلال الاستفادة من خبرات شركات الطاقة الروسية المملوكة للدولة، كما ستكون هناك فرصة لاستفادة الرياض من هذه التجربة على نحو خاص في الاكتتاب العام الأولي لشركة أرامكو، خاصة وأن وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك كان قد أشار في وقت سابق إلى أن المستثمرين الروس يدرسون المشاركة في الاكتتاب العام لشركة أرامكو.
من جانب آخر اهتمت عدد من وسائل الإعلام الروسية بإيراد رأي الباحث السعودي المتخصص في الشأن الدولي، أحمد البراهيم، الذي ذكر أن الرياض وموسكو تخطوان خطوات دقيقة ومحددة لتحقيق مزيد من التقارب والتعاون في المرحلة المقبلة.
وأوضح الإبراهيم أن هذا التقارب يعكس أمام العالم حجم التغيرات الاستراتيجية الكبرى التي تحدث في القطاعات السعودية كافة، خاصة وأن الملك سلمان بن عبدالعزيز، هو أول ملك في تاريخ السعودية يزور روسيا، وترجمت نتائج لقاءاته بالرئيس فلاديمير بوتين، وعدد من القيادات الروسية إلى اتفاقات ومذكرات تفاهم تصب في صالح البلدين والشعبين. وأشار إلى «وجود رغبة مشتركة بين الرياض وموسكو في تعزيز العلاقات المشتركة، وتعزيز التعاون بما يخدم الاقتصاد العالمي خاصة في قطاعات مثل النفط، ويخدم أيضا الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط والعالم، مشيرًا إلى حجم وشكل الاستقبال الهائل الذي أكد عراقة الروس وترك أثرٍ طيبٍ عند المواطنين السعوديين، حيث كان الاستقبال لائقًا ومعبرًا عن حجم تقدير الرئيس فلاديمير بوتين للملك سلمان بن عبدالعزيز.
كما حازت الزيارة على اهتمام مختلف الأوساط العالمية حيث ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن هذه الزيارة رفعت العلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة، ونقلت عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله: «في السابق كانت علاقاتنا مع السعودية سطحية لكنها الآن تتطور بسرعة». وبجانب توقيع العديد من الصفقات الاقتصادية الكبيرة التي تقدر بمليارات الدولارات فإن زيارة الملك سلمان ساهمت في اتفاق الجانبين على مواصلة التعاون عن كثب فيما يتعلق بقضايا الصادرات النفطية لا سيما وأن المملكة وروسيا مسؤولان عن نصف إنتاج النفط في العالم. وأشارت الصحيفة إلى ما ذكره وزير النفط السعودي خالد الفالح في بداية لزيارة حيث قال: «إن هذا التعاون أعاد الحياة إلى أوبك» مما يعكس تفاؤله في مستقبل النفط».
من جانبه اهتم موقع مجلة ديفينس توك الأمريكية المختصة بشؤون الدفاع بالاتفاقيات التي تمت في الجوانب العسكرية حيث ذكر أن الطرفين وقعا عددًا من الاتفاقيات التي من المتوقع أن تلعب دورًا محوريًا في نمو وتطوير صناعة الأنظمة العسكرية في المملكة. وأشار إلى أن مذكرات التفاهم التي تم توقيعها في هذا الصدد ترتكز على إضفاء الطابع المحلي على تصنيع واستدامة أنظمة التسلح المتقدمة في المملكة بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
وأشار إلى أن الاتفاقيات تتضمن برامج تثقيفية وتدريبية للمواطنين السعوديين لضمان استدامة وتطوير قطاع الصناعات العسكرية بالمملكة. ومن المتوقع أن تكون لهذه الاتفاقات مساهمات اقتصادية ملموسة كما ستساهم في خلق المئات من الوظائف. من جانب آخر سيتم نقل التقنيات المتطورة التي ستعمل كمحفز لتوطين 50 % من الإنفاق العسكري في المملكة على النحو الذي استهدفته رؤية 2030 التي أطلقها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.