عبد الله باخشوين
.. قبل ما يقرب عشر سنوات، كان الشيخ عبدالله بقشان يقوم بتنظيم رحلات أو دعوات لزيارة ((حضرموت)) يقوم بها الكثير من أثرياء الحضارم ووجهائهم والبارزين منهم.. وذلك بهدف تعريفهم على بلادهم ((الأصل)) التي كثير منهم لا يعرفها ولم يذهب إليها.. بحكم أنه ولد ودرس وكبر وعمل فى السعودية وتقطعت به أسباب العودة لمسقط رؤوس ((أهله)) السابقين.. ولم يبق على ارتباطه بـ((اللهجة)) الحضرمية وكل تراث حضرموت.. سوى الكثير من أغاني أبوبكر سالم بلفقيه الذي يترنم بمعظم ماكتبه الشاعر الحضرمي السيد حسين المحضار الذى غنى له معظم فناني الخليج والجزيرة مثل طلال مداح ومحمد عبده وعبدالله الرويشد ونبيل شعيل وغيرهم.
ذكرني بهذه الحكاية تخلفي مكرهاً عن حضور عقد قران ((أحمد)) ابن الدكتور عمر مشعبي على ابنة السيد محمد العمودي.. وتذكرت معها الحكاية التي رواها الدكتور المشعبي ابن الطائف الذي أصبح رئيساً لأمانة مدينتها لفترة تتجاوز العشر سنوات.. قبل أن يتقاعد وهو في منصب وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية.
حيث فوجئت ((عائلتنا)) بصورة أرسلتها السيدة زوجته.. وهو بكامل اللباس ((الحضرمي)) التقليدي.. وعرفنا أنها مرسلة من حضرموت التي ذهب إليها بصحبة آخرين في الطائرة الخاصة للشيخ بقشان.. في جولة استغرقت نحو أسبوع من حين هبوطهم في مطار عدن.. وتجولوا خلالها للتعرف على ديار آبائهم وأجدادهم بعد أن أحضر لهم الشيخ كامل اللباس الحضرمي التقليدي.. وطبعاً بمساعدة آخرين من أهل حضرموت قاموا بارتداء الزي الذي وصلتنا صورته.. بطريقة جميلة تؤكد عمق العلاقة بين أهل اليمن والمملكة.. فقبل ذلك روى لي الزميلان العزيزان عبدالمحسن يوسف وعلي مكي التفاصيل التي سبقت حواراً تم نشره مع الفنان اليمني المرحوم محمد مرشد ناجي.. فبعد الاتصال به تلفونياً وقت ((القيلولة)) اعتذر الرجل وطلب الاتصال به في وقت آخر.. غير أنه عندما استمع عن حبهما الشخصي لفنه.. وعن التقدير الذي يحظى به هذا الفن لدى شريحة واسعة من جمهور الفن في المملكة.. ألغى كل مواعيده التي ارتبط بها لقضاء وقت ((القيلولة)) وقال للزميل عبدالمحسن يوسف:
- ياعبده خلاص ألغيت كل شيء وأنا متفرغ لك ولصاحبك كم ما تشتوا من الوقت..
وعبر التلفون سجلا معه حواراً جميلاً نشر في جريدة عكاظ.
وفي أول مناسبة حصل فيها نادي الاتحاد على الكأس بعد غياب سنوات طويلة، أقام النادي حفلاً جماهيرياً كبيراً أحياه الفنان اليمني فيصل علوي رحمه الله وكان ناجحاً بكل المقاييس.. وما من شك في أغنية ((أنا ما أنساك لو تنسى)) للفنان نبيل شعيل المركبة على الأغنية اليمنية الشهيرة ((ولا ذي الأولى منك ولا ذي الثانية)) لعبت دوراً كبيراً في توسيع رقعة انتشاره.. وطبعاً لا يمكن أن ننسى تجربة الفنان القدير خالد الشيخ مع الفنان عبدالمجيد عبدالله في مجموع أغاني ألبوم ((يا طائر الأشجان)) الذي كان السبب في الانتشار الحقيقي للفنان عبدالمجيد وكان الألبوم الوحيد الذي كسر المليون نسخة.
طبعاً كم هو جميل أن يكون الفن والحياة الاجتماعية المشتركة التي تمثل روابط قوية غير قابلة للفصل هي الرابط بين أهل اليمن وأهل المملكة.. والتي حتى في عمق السعي لتحرير اليمن من زمرة الحوثي وصالح لم نجد ما يعكرها في الجنوب اليمني سوى فلول ((القاعدة)) التي ترتدي رداء الحضارم للأسف.