قدَّم الشيخ سعد العتيق محاضرة قيِّمة حول بر الوالدين، خاصة التعامل مع الأم، وذلك ضمن فعاليات اثنينية الذييب في منزل الأستاذ حمود الذييب.
وقد حملت المحاضرة مفهومًا جديدًا حول مسألة بر الوالدين، وحسن التعامل معهما في ظل المتغيرات الاجتماعية والإيقاع المتسارع للحياة في العصر الحالي. ولخصت الكلمات الأولى للشيخ العتيق في هذا الحوار الديني الشيق ذلك المفهوم؛ إذ استهل العتيق حديثه قائلاً: «لا يظن أحدكم أنه - والعياذ بالله - عاق لوالديه بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكننا كذلك لسنا ببارين بهم». وزاد: «إنها المنطقة الرمادية بين العقوق والبر، بين ألا تكون عاقًّا، ولكنك لم تصل إلى درجة البر». وأوضح العتيق أن بر الوالدين أمرٌ يجب أن يتعدى مسألة وفاء الابن أو الابنة بالتزاماتهما تجاه الوالدين، وتلبية احتياجاتهما، بأن ينتقل إلى درجة أرقى، وهي الاستمتاع بتلبية هذه الاحتياجات. وشدَّد الشيخ العتيق على ضرورة أن يصطحب الشخص أطفاله في زيارة والدته ووالده، والجلوس إليهما، والتودد لهما أمامهم؛ لكي يتعلموا كيف يكون البر. مشددًا على أن تعليم البر ليس بالحديث والنصائح، وإنما بالممارسة. وأضاف: ربما تكون رؤية الطفل والده وهو في موقف بر بأمه أكثر تأثيرًا من العديد من القصص والحكايا التي يرويها له عن بر الوالدين.
وحذَّر الشيخ العتيق من أن أكثر الصعوبات التي يمكن أن يواجهها المرء في حياته تأتي بسبب عقوقه والديه، أو حتى تقصيره في علاقته بهما.
وألقى الشيخ الضوء على حقيقة أن الله - عز وجل - قد رتَّب الحقوق والواجبات والأولويات تجاه الأفراد؛ إذ أكد سبحانه على لسان نبيه الكريم أن أولوية الصحبة للأم ثم الأب، كما أنه لا بد من التنبه إلى أن طلب رضا الوالدين ليس إلا طلبًا لرضا الله سبحانه وتعالى؛ وعليه فإن من الضروري أن يعمل المرء طلبًا لرضا ربه بزيادة بره لوالديه. وتابع قائلاً: لا بد أن نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد مدح الأنبياء في كتابه العزيز ببرهم والديهم؛ إذ قال سبحانه على لسان عيسى عليه السلام {وَبَرًّا بوَالِدَتِي}.. إلى آخر الآية. وقدَّم الشيخ في نهاية حديثه برنامجًا عمليًّا للبر بالوالدَيْن، يشتمل على تخصيص جزء ثابت من وقتك بشكل يومي، وضرورة اصطحاب الأبناء عند الوالدين للتعليم بشكل عملي. كذلك من أوجه البر أن يذكر الفرد أباه وأمه بالمعروف الذي صنعاه تجاهه، وإشعارهما بالامتنان على تربيتهما له. كذلك طلب الدعاء منهما؛ لأن ذلك يُشعرهما باحتياجك لهما رغم كبرهما. مشيرًا إلى أن البر يستمر حتى بعد وفاة الوالدين؛ إذ يجب على الأبناء الدعاء لهما، والتصدق عنهما، والأهم من ذلك قضاء ديونهما، وإكرام أصدقائهما، وصلة أرحامهما بعدهما. وقال الشيخ العتيق إن من البر أيضًا أن يسامح المرء أباه أو أمه على ما بدر منهما تجاهه في حال حدث تقصير منهما في حياتهما. واختتم الشيخ الندوة بفاصل من الدعاء، أمَّن عليه الحضور. بعد ذلك تقدم الأستاذ حمود الذييب راعي الاثنينية بالشكر الجزيل للشيخ سعد العتيق على تلبية الدعوة مقدمًا له درعًا تذكارية.