جاسر عبدالعزيز الجاسر
شكلت حادثة الواحات في مصر صدمة لكل المصريين ومحبي مصر وكارهي الإرهاب، وبغض النظر عن عدد الضحايا والإصابات في تلك الحادثة التي تكشف عن متغيرات عديدة في استراتيجية المليشيات الإرهابية والإرهابيين، والتي تظهر أن الإرهابيين يسعون إلى إحداث «ضجة إعلامية» لتعويض الخسائر التي ألحقت بهم بعد النجاح في تقليص وجود التنظيم الإرهابي داعش الذي كاد يختفي من العراق وسوريا، بعد نجاح العراقيين والتحالف الدولي في تطهير الموصل والرقة ومساحة كبيرة من الأراضي العراقية.
الإرهابيون وبالذات الذين قدموا للعراق وسوريا من دول مختلفة بعضها من خلف البحار من أوروبا وأمريكا وروسيا، إضافة إلى الإرهابيين الذين قدموا من مصر وتونس والجزائر والمغرب ومالي واليمن، وأصبح هؤلاء الإرهابيون يبحثون عن «ملجأ» آخر بعد أن فقدوا المكان «الآمن» الذي كانوا يقيمون فيه بالعراق وسوريا والذي كانوا يمارسون فيه «بدعهم» وأعمالهم من متاجرة في «الجواري» والنفط الخام الذي كان يسرق من آبار النفط في العراق وسوريا.
الآن هؤلاء خرجوا، بل أجبروا على الهروب من العراق وسوريا، وقد تمكن البعض منهم من الوصول إلى الأماكن التي لا تزال تشهد فوضى وانعدام الأمن وعدم سيطرة الدولة الرسمية على أراضيها، ومن تلك الأماكن ليبيا وأفغانستان وقبلها الفلبين، والذين ساعدوا هؤلاء الإرهابيين إلى هذه الأماكن يعملون على توظيفهم لإشاعة الفوضى والاضطراب من خلال تمكينهم من القيام وتنفيذ عمليات إرهابية يراد لها التذكير بأن الإرهاب ومليشيات الإرهاب لم يتم القضاء عليها، وهؤلاء الإرهابيين ونظراً لوضعهم اليائس، فهم يعلمون أنهم بعد سوريا والعراق لابد لهم من «القتال» من أجل البقاء، ولذلك أصبحوا أداة مطيعة لدى الجهات التي توظفهم، وهم هذه المرة «يا قاتل يا مقتول» وهؤلاء يصبحون عناصر خطرة جداً، خاصة إذ زودوا بمعدات وأسلحة قتالية متقدمة كالذين أرسلوا إلى معسكر الواحات الإرهابي غرب مصر، وتكمن خطورة معسكر الواحات الذي يقع على بعد 135 كيلومتراً عن مدينة 6 أكتوبر، ويعد امتداداً للظهير الصحراوي الذي يشترك في المساحة والجوار مع محافظات الجيزة والبحيرة والفيوم وغير البعيد عن القاهرة، ولهذا فإقامة معسكر تدريب لإرهابيين يائسين مزودين بأسلحة فتاكة تتضمن مدافع ميدان وقذائف صاروخية وآر.بي.جي، هدفه استهداف مدن القاهرة الكبرى «القاهرة والجيزة- 6 أكتوبر- الفيوم» وحتى القليوبية والبحيرة، وقد وصلت معلومات لأجهزة الأمن المصرية بخطط الإرهابيين بتنفيذ عمليات إرهابية في تلك المدن، فقامت بالعملية الاستباقية لمهاجمة معسكر الواحات الإرهابية، إلا أن الأجهزة الأمنية لم تكن تتوقع أن يكون تسليح الإرهابيين تسليح قوات عسكرية تستعمله الجيوش وليس تسليح مليشيات إرهابية عادة ما تكون أسلحة خفيفة، ولهذا لم تكن العملية الاستباقية ناجحة بكل مقاييس النجاح، حيث استطاع بعض الإرهابيين الهروب والعودة إلى ليبيا وقتلهم لعدد من ضباط الشرطة المصرية.
عملية الواحات نموذج لما ستكون عليه عمليات الإرهابيين القادمين من سوريا والعراق، وستستهدف دولاً أخرى غير مصر، منها دول أوروبية وعربية التي يجب عليها أن تكون حذرة وحذرة جداً من هؤلاء الإرهابيين الذئاب اليائسين.