م. خالد إبراهيم الحجي
إن لقاءات القمم مناسبات دولية تعزز التعاون التجاري والصناعي بين الدول المجتمعة؛ لأن اجتماع وفود القمم، والمرافقين من الوزراء ومجموعات النخب من رجال الأعمال والإعلاميين على منصة دولية واحدة، يعزز المجالات المفتوحة في القطاعات التجارية والصناعية والعسكرية المختلفة، ويذلل الصعاب التي تقف مانعاً أو حائلاً أمام فتح أبواب المجالات المغلقة.. وفي هذا السياق جاءت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال شهر مايو الماضي2017م إلى المملكة العربية السعودية بناءً على طلب منه؛ لتكون أول دولة يزورها بعد توليه منصب الرئاسة الأمريكية، فرحب خادم الحرمين الشريفين بزيارته. كما أن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا خلال شهر أكتوبر من نفس العام كانت بناءً على دعوة الرئيس الروسي بوتين التي قبلها خادم الحرمين الشريفين. والقاسم المشترك بين زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، وزيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا يتمثل في مبادرة حكومتي أقوى دولتين في العالم (أمريكا وروسيا) إلى عقد القمم مع المملكة العربية السعودية. وتفعيل الشراكات الثنائية الإستراتيجية، والتسابق والتنافس بين أمريكا وروسيا لتقوية العلاقات الدبلوماسية والسياسية وأواصر التعاون المشترك بينهما وبين المملكة. والدليل على هذا التسابق والتنافس هو تراجع الحكومة الأمريكية عن موقفها المعارض بشدة بيع صواريخ «ثاد» المتطورة إلى السعودية. وإعلان موافقتها على بيع صفقة الصواريخ السابقة بعد موافقة روسيا على بيع صواريخ «إس - 400» الروسية خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا. ومن المستبعد جداً أن يكون هذا التراجع في هذا التوقيت بالذات قد حدث من قبيل الصدفة. وتسابق أمريكا وروسيا لتفعيل الشراكات الإستراتجية مع المملكة العربية السعودية يعود للأسباب التالية:
(1): مواقف السعودية الثابتة، ومبادئها الراسخة، ورؤيتها الواقعية الحازمة، وعزيمتها القوية في معالجة قضايا المنطقة وإقليم الشرق الأوسط، ومعاييرها الدبلوماسية الواضحة، وأهدافها السياسية المعتدلة رسمت سياستها الخارجية ومكانتها العالمية في الهيئات الأممية والمحافل الدولية.
(2): محاولة روسيا استعادة مكانتها السابقة كقوة عظمى موازية لأمريكا في التأثير الدبلوماسي والسياسي والعسكري.
(3): حرص أمريكا على استعادة هيبتها العسكرية ومكانتها في العالم وتأثيرها الحيوي بعد أن فقدتها خلال احتلال روسيا لجزيرة القرم وسيطرتها على سوريا.
(4): الحاجة الشديدة إلى الشراكات الثنائية والتحالفات الدولية لمواجهة خطر الإرهاب الدولي الذي يهدد استقرار الإقليم، ودول العالم الأخرى من خلال توظيف إستراتيجيات مجتمعة، ومتحالفة تتعامل مع ديناميكية التغيير السريعة التي تشهدها دول المنطقة.
(5): مواجهة التحدي المحوري في إقليم الشرق الأوسط المضطرب؛ بسبب أعمال النظام الإيراني العدائية، وزعزعته لاستقرار المنطقة وإثارته القلاقل في بعض الدول العربية، الذي جعل الرئيس الأمريكي ترامب يعيد النظر في الإستراتجية الأمريكية تجاه تهديدات النظام الإيراني ويأخذ الدروس المستفادة من السابق؛ لأن التساهل معها جعلها أكثر خطورة مع مرور الوقت. لذلك أعلن عن إستراتجيته الشاملة الجديدة ضد النظام الإيراني التي تشتمل على البنود التالية: (أ): فرض عقوبات إضافية على النظام لمنعه من تمويل الإرهاب. (ب): مواجهة توظيف النظام الإيراني للإرهابيين بالوكالة. (ج) مواجهة تطوير النظام الإيراني للصواريخ الباليستية ونشره للأسلحة الهجومية التي تهدد حرية الملاحة للدول المجاورة وتجارتها مع العالم (د): سد كل المسارات أمام النظام للوصول إلى السلاح النووي.
الخلاصة:
إن الشراكة الثنائية بين المملكة وروسيا تخدم مصالحهما المشتركة. والشراكة الثنائية بين المملكة وأمريكا تؤكد تطابق أهداف المملكة مع الأهداف الإستراتيجية الأمريكية ضد النظام الإيراني.