محمد آل الشيخ
رئيس الاستخبارات الأمريكية السيد «مايك بومبيو» قال في تصريح له: (إن الـCIA ستُصدر في الأيام القليلة القادمة مؤلفاً يحتوي على المراسلات التي وجدها الفريق الذي قام باغتيال ابن لادن بينه وبين ملالي إيران في مخبئه في باكستان). الخبر ليس غريباً بالنسبة إلينا، فابنه سعد بن لادن يعيش مكرماً في إحدى ضواحي طهران، إنما الغريب كيف كان الرئيس السابق لديه معلومات بهذه الدرجة من الخطورة، ويأمر بإخفائها عن الشعب الأمريكي، ليس هذا فحسب، بل عمل بكل مثابرة على إبرام صفقة معها حول المنشآت النووية، ليتسنى لها الحصول على الأموال المجمدة في الولايات المتحدة، وهو يعلم يقيناً وبالدليل القاطع أنها تتعامل مع رأس الإرهاب، وشيطانه الأكبر «أسامة بن لادن».
لذلك، فالرئيس ترامب لم يصف إيران بأنها دولة إرهابية دونما دليل، ولم يصف الاتفاقية بين إيران والدول الست العظمى بأنها الاتفاقية الأسوأ في تاريخ أمريكا جزافاً، وإنما بالأدلة والبراهين التي لا يرقى إليها الشك، الأمر الذي يؤكد أن ما كان يتحاشى أوباما أن يعلنه على الملأ جاء من يُعلنه ويضع النقاط على الحروف، وهذا ما يجعلنا الآن نصل إلى الجزم بأن الرئيس ترامب ماضٍ في إستراتيجيته التي من شأنها اقتلاع نظام الملالي في إيران من جذوره، ليس بالحرب طبعاً، وإنما بالعقوبات الاقتصادية، التي لا بد حتماً إذا ما استمرت أن تُحرك الشارع في إيران، مثلما تحرك في نهاية السبعينيات من العقد الميلادي الماضي، وأطاح بالشاه.
كل المؤشرات والإرهاصات تقول إن إيران من الداخل على فوهة بركان، وأن تفشي البطالة وانهيار العملة الإيراني وجمود النمو الاقتصادي بسبب العقوبات، وتدهور الخدمات المدنية في أغلب المقاطعات الإيرانية من شأنها أن تفجر الداخل الإيراني؛ ناهيك عن أن منظمة الحرس الثوري، وهي القوة الاقتصادية الأكبر في هيكلية القوى في إيران، من المزمع أن تُصنف أمريكياً كمنظمة إرهابية، ما يجعل قدرتها على الحركة في الشأن الاقتصادي، وتحديداً في توريد المستلزمات التي يحتاجها اقتصاد الداخل، غاية في الصعوبة.
كل هذه العوامل مجتمعة ستؤدي حتماً إلى عدم قدرة نظام الملالي على المقاومة طويلاً، ولن تجدي هراوات الباسيج في قمع الانتفاضات إذا ما تفجرت، فأي دولة في العالم اليوم لا تستطيع إطلاقاً أن تعيش، فضلاً عن أن تستمر، بمعزل عن العالم، وتحديداً عن أذرعة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تسيطر سيطرة شبه كاملة على منظومات البنوك في العالم، فلا يستطيع أي بنك، في أي دولة، التعامل مع العالم الخارجي في معزل عن الولايات المتحدة، وكذلك الأمر لكبريات الشركات العالمية، وإلا فالعقوبات الأمريكية كفيلة بتغريمها مليارات الدولارات كما حصل في مرات سابقة.
ومن الواضح أن أمريكا في عهد الرئيس ترامب تختلف عنها في عهد الرئيس أوباما، الذي كان يساند إيران على حساب المصالح القومية الإمريكية العليا، لذلك فإن سنوات عجافاً، إذا لم تكن مزلزلة، تنتظر مستقبل ملالي الفرس، خاصة إذا ما صدر قرار أمريكي بتصنيف (الحرس الثوري)، بكل أذرعته الاقتصادية، منظمة إرهابية، عندها إقرأ على هذا النظام الكهنوتي القادم من تلافيف التاريخ السلام.
إلى اللقاء