فهد بن جليد
بعيداً عن مُرشحي العالم العربي ونسبة الفوز بـ99 % من الأصوات التي تعوَّدنا عليها، أتعامل هذه الأيام مع مَن حولي وكأنَّني مرشح لدخول انتخابات في إحدى دول العالم الأول، يكفيه فيها الحصول على 51 % من الأصوات للفوز، ولا قيمة هنا لمعارضة الـ49 % الباقين لأفكاره وبرنامجه الانتخابي وعدم اقتناعهم بها، لذا وجدتُ أنَّني غير مُلزم بتفسير مواقفي وآرائي للجميع وأخذ موافقتهم ومراعاة قناعاتهم قبل كل خطوة أخطوها, والقيام بالأعمال التي ترضي أذواق كل الناس حتى في تحديد مصيري وقادم أيامي .
البحث عن رضا وقبول الجميع دائماً قد يعيق تقدمك وتطورك وهو أمر يستحيل في شتى مناحي الحياة، لأنك ستغرق في محاولة التفسير والتبرير والإيضاح للفوز بقبول الكل ورضاهم، وستضيع عليك الكثير من الفرص السانحة نتيجة خشيتك لرأي ونظرة الجميع، بينما الصواب أن تقوم بالخطوة الصحيحة التي تقتنع بها أنت أولاً من أجل مُستقبلك وضمان نجاحك، متى ما تأكدت أنَّها لا تعارض ديناً ولا نظاماً ولا خلقاً، فالناس لن يتفقوا على رأي ووجهة نظر واحدة، والخاسر الأكبر هو من يتنازل عن قناعاته وحاجاته، بل وحتى آرائه، من أجل رأي ووجهة نظر غيره، والأمَرّ أنَّ غيرك لو أتيحت له الفرصة فلن يعتبر رأيك الشخصي مُلزماً له، بل سيمضي نحو النجاح ولن يلتفت لك، وهي القاعدة التي يجب أن يعيها ويتبناها الشباب وصغار السن في بداية حياتهم، حتى لا يدفعوا الثمن مع مضي السنين.
البحث عن المثالية والإشادة، والخوف من الصدام والانتقاد هما المُحركان الرئيسان اللذان أفقدا الكثير منا هويته وشخصيته، حتى إننا نفكر بالآخرين أكثر من أنفسنا، ونهتم بردَّة فعلهم ورأيهم أكثر مما نفكر في حاجاتنا الحقيقية وضرورة ما سنقوم به، تخيل أنَّك حصلت على فرصة وترقية وظيفية، فهل من الإنصاف التنازل عنها من أجل مصلحة وإرضاء حاجات زملائك ومَن حولك في العمل السابق الذين تعوَّدوا عليك كل صباح، هذه بالضبط إحدى الصور التي توضح المسألة .
كلنا نحاول الفوز برضا وحب الآخرين، إلا أنَّ هذا لن يحدث مع الجميع إطلاقاً، وثمن مُتلازمة ( إرضاء الجميع) باهظ، وفاتورته كبيرة، فستجد نفسك مُجاملاً مسلوب الإرادة والشخصية، تتبع رأي الجميع للبحث عن رضا الجميع وهو ما لن يحدث أبداً لأن حاجات الناس وقناعاتها مُتعددة، فقط لتنحز لمصلحتك وحاجتك وقناعتك، وكل صوت مُنتقد ومُخالف لك، يمكنك اعتباره من نسبة الـ49 % التي لن تصوّت لك في حال ترشحك بالفعل .
وعلى دروب الخير نلتقي.