إبراهيم عبدالله العمار
انظر لوجهه. دكستر مورغان شاب وسيم. تحادثه فينشرح صدرك لهدوئه ودماثته. إنه رجل لكنه له براءة الأطفال. لكن ما أن يَجنَّ الليل حتى يتحول إلى قاتل بالغ الكفاءة ليس في القتل فقط بل في التخلص من آثار الجريمة!
مسلسل دكستر أحد أشهر الأعمال التلفازية المعاصرة، عن رجل يعمل مع الشرطة نهاراً ويقتل المجرمين ليلاً، وسبب اتجاهه للقتل دوافع ظلامية شديدة القوة داخله بدأت منذ طفولته، واكتشفها أبوه الذي لما يئس من إزالة تلك النوازع أخذ يوجهها لأقل اتجاه ضرراً، وبدلاً من أن يقتل دكستر الأبرياء كان الحل أن يبحث عن القتلة والمجرمين الذين يفلتون من القانون ويفرغ ظلاميته فيهم.
فكرة الجانب المظلم الكامن فكرة قديمة، وقد أشار لها عالم النفس الشهير كارل يونغ لما سماها «الشبح The Shadow»، ويقصد تلك الرغبات والنزوات التي تكتمها لأسباب اجتماعية، والكل يظن أنه إذا كَبَتَ الشبح فإنه سيتلاشى، لكن هيهات! يقول علماء النفس: «ما لا يمكن أن تنال، لن يجعلك تنام». لن تعيش براحة واستقرار بل سيقضّ المدفون مضجعك! إن الشبح لا يختفي بل سيظهر عاجلاً أو آجلاً. سيظل هاجساً. وتركيزنا طاقتنا أن نكون مقبولين يورث ألماً نفسياً وخطراً مستقبلياً، وإذا واصلنا كتم الشبح يتضخم وربما يتجاوز العقل الواعي ويتملَّك تصرفاتك وأقوالك ونفسيتك، وربما تُسقطه على غيرك، والإسقاط Projection هو أن ينفي الشخص وجود خصلة فيه ويرميها على غيره، فالذي يشعر بالضعف الداخلي كثيراً ما يصف الآخرين بذلك، والذي تراوده خواطر منحرفة ستراه يتهم غيره بها كثيراً، وهكذا. وبعد فترة من الإنكار والكبت ربما تتحول أنت تماماً إلى ما تخشاه! كما تحول الدكتور جيكل إلى المجرم هايد بالتدريج.
ما العمل إذاً؟ ماذا تفعل بشبحك؟ كما توحي كلمة Shadow التي تعني أيضاً الظل فإن النور والظلام متوازنان، ولا يوجد واحد بدون الآخر، فبدلاً من كبت الشبح الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من كيانك عليك الموازنة، وأن تعترف به، وتوجهه للمسار الصحيح. لكن لا تسألني كيف، فحتى خبراء النفس قد يواجهون صعوبات في ذلك، وقطعاً لا أنصحك أن تأخذ مسار دكستر!