د. خيرية السقاف
تعلو أصوات الصغار في أحاديثهم الهامشية يوم الإجازة بالإفضاء بما كان معهم في المدرسة,
أمس الأول, في زاوية من المكان أخذ أحدهم يفضي إلى ابن عمه الصغير مثله عن المدرسة وحكاياتها, التفتت إليه عمته التربوية, وتماددت في الأسئلة بغية معرفة المزيد عن الموقف الذي بلغتها تفاصيله في ثرثرتهما, وفي سرد لا لجج فيه, قال لها على مسمع الجالسين: معلمي يقول لي «سأضعك في الركن وأُسطِّرك» كناية عن «أضربك» وهو فظ في كثير من الوقت!!
نهض الثاني مسرعاً بالاقتراب منهما, ليسرد موقفاً آخر لمعلمه في مدرسة أخرى حين أمسك برقبة قميصه, ورفعه للأعلى بعنوة وقال له: «سأضربك» ولم يكتفِ, بل لكعه بقبضة يده..
لن أزيد..
فهذه حكايات كبيرة, وكبيرة جداً..
شاسعة للغاية, ملهمة للقادة التربويين في الصميم !!..
مع أنّ القوانين تضع حداً للمعلم الشرس!!..
لكن يبدو أنّ سطوة الإحساس بالقوة تعلو عن قيمة الخضوع للأمانة,
والإخلاص للدور.
ولا تزال آلية بث قواعد العلاقة بين المعلم , والطالب تحديداً في المدارس الابتدائية, تحتاج إلى شريط من المحطات, وقوائم من المهام, وطرائق للتمكين. وتنفيذ في آخر نقاطه الإقصاء عن ممارسة المهنة.
مع ما تطلبه هذه المرحلة من عناصر ذات خصائص شخصية إضافة إلى الخصائص المهنية, وتفوق, يستطيع بها احتواء المواقف, ورباطة الجأش, والصبر على عبثية الصغار, ومراعاة طبيعة عمرهم, والتمتع بالحلم, والأناة, وسعة الثقافة في فروق العمر, مع مرونة الطبع لنقل أخطاء الصغار إلى حقل من زهور الرعاية, ونداوة البوتقة حين يجعلها المعلم رفقة أبوية حانية, ومعطاءة, تعينهم على بناء الشخصية الذاتية الفردية فيهم, وتؤسّس مكوّناتها من بذور القدوة التي حين يمثلها معلمهم, تبني لمستقبلهم شواطئ للأمان, والعطاء, والإثمار..
فحكاياتهم ليست من خيال..
وأوقات والديهم من أجلها ليست من فراغ..!