إن الإلمام بالسنة النبوية الشريفة يؤدي إلى التعمق في فهم كتاب الله تعالى وسنة رسوله واستنباط أحكامه، وتفصيل مجمله وتقييد مطلقه، وتخصيص عامه، وبيان مراده سبحانه وتعالى بتفسير آياته، وتوضيح كيفية تلاوتها: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}.
وقد تبين السنة النبوية الشريفة أيضاً بعض الأحكام التي سكت عنها القرآن كالأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في تحريم ربا الفضل وبيان أنواعه، والأحاديث التي وردت في تحريم لحوم الحمر الأنسية، وتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير.
التشديد على استيعاب السنة النبوية الشريفة والإفادة منها وتدوينها قبل أن ترفع ويقبض أهلها؛ لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو، وفيه: قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعاً ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم.
ولقد كان ابن عباس يحث المسلمين على مذاكرة الحديث وحفظه وتبليغه بقوله: «تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم، فإنه ليس بمنزلة القرآن، القرآن مجموع محفوظ وإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث تفلت منكم، ولا يقل أحدكم حدثت أمس لا أحدث اليوم، بل حدث أمس وحدث اليوم وحدث غداً».
من الأسباب التي دفعت المحدثين للعناية بمتون الأحاديث خاصة بعد عصر الفقه - ظهور الزنادقة والملاحدة ومناصري العصبيات والقوميات وغيرهم من أعداء الله ومحاولتهم دس الأحاديث الموضوعة وإشاعتها وسط المسلمين مما جعل المحدثين يتشددون في اعتماد الأسانيد والمتون.
ومن الأسباب التي أدت إلى مضاعفة جهود المحدثين في العناية بمتون الأحاديث وأسانيدها أنهم قد اضطروا للرحلة في طلب الحديث بعد توسع الدولة الإسلامية وتفرق الصحابة بالأمصار، فكان على المحدثين أن يرحلوا إليهم طلباً للإسناد العالي، وتوثيق نصوص الأحاديث وتقويتها بكثرة الطرق.
سائلاً الله ان يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
** **
- د. فهد بن عبدالرحمن السويدان