مها محمد الشريف
التعليم في تكوينات الدول هو صانع المستقبل، وهو الرسالة التي يتحمل مسؤوليتها المجتمع كله، فصورة المجتمع المستقبلية هي امتداد لتشكيلاته الأسرية، ومتغيراته الفكرية.. واليوم تواجه مؤسسات التعليم في العالم مشكلة التغيرات المعرفية والفكرية السريعة وتشابك وترابط تلك المتغيرات، وتعقيداتها وتحدياتها، وفي بلادنا نمر اليوم بمرحلة يسود فيها عنصر الشباب الكبير الذي يتماهى بشكل سريع ومخيف في بعض حالاته مع محيطه ويعقد بالتالي رسالة التربية، ويجعل منها همًا للجميع ومادة للطرح والحوار في مختلف منابره، لكن ما دشنته وزارة التعليم في الأيام الماضية تحت مسمى بوابة المستقبل يوحي أن ثمة معبرًا لتغيير النمط التقليدي للتعليم والانطلاق نحو تطبيق مفاهيم التحول الرقمي وفقًا للرؤية الطموحة 2030، وإدخال بعض المرونة التكنولوجية لتفعيل الأهداف طمعًا في خيارات متنوعة.
وسعيًا لتعليم جيد، تقول الوزارة إنها بهذا ستعطي الواقع أفكارًا جديدة ونتائج ذات معنى وستبعث على مسار النمو المتوازن، وإيجاد بيئة تعليمية تتطابق مع الإطار التقني الحديث الذي يستوعبه الطلاب من سن مبكرة ويضفي ميزة من التفاعل الإيجابي بين الطالب والمعلم، ويحدث نقلة بين التعليم التقليدي والرقمي أو بالأصح نقلة من التعليم التقليدي إلى الحديث من خلال تمكين الطالب من المهارات الشخصية التي تؤهلة للمرحلة الجامعية ومن ثم إلى سوق العمل.
في حاضرنا اليوم توجد طرق أكثر أهمية من مراحل سابقة غير مستساغة لا تتوافق مع روح العصر الحديث، وفي هذه الحالة لا بد من تطوير أداء المؤسسات التعليمية وتقديم المعارف والمهارات بطُرق غير تقليدية التي تعتمد على الحفظ والتلقين، طرق تخدم الأداء العملي.
وقد يكون من اليسير بطبيعة الحال أن تبدأ الوزارة بتحديد مواطن الضعف في الخطة التعليمية المنهجية - وتواجه بوعي ما ذكرت في آلية بوابتها أنه ضعف الإمكانات- وقلة مصادر التعلم وعدم الاهتمام بالتدريب الفعلي الحقيقي للمعلم أثناء الخدمة، والالتزام المفرط بالضوابط القديمة والقوانين واللوائح الروتينية التي جعلت مشكلة الفكر التعليمي تغلب على مشكلة المعرفة وبالتالي حولت العملية التعليمية إلى مسابقة في الحفظ والحضور الروتيني الممل.
ولكي تعبر الوزارة نحو تحقيق أهدافها لا بد للمخرجات أن تقدم أفضل النتائج، لكي يثير هذا الاجتهاد حفيظة الطالب ويبدي اهتمامًا بالجوانب العملية في العملية التعليمية. وهذا يحتم على الوزارة تحقيق إستراتيجية المشروعات الإلكترونية التي تهتم بشؤون التربية وتعالج عيوب التربية في الأمتين الراقية والمتخلفة على السواء وتبث أضواء الثقافة الهادفة إلى إثراء العقول بالفهم الصحيح والتطبيق المتقن المدفوع بالرغبة.. ولعل أحد أهم الإستراتيجيات التي وردت في بوابة المستقبل ربط المعارف النظرية بالجوانب العملية تحت إشراف المعلم وتوجيهه، الشيء الذي تتوقع له الوزارة أن يساعد على التقدم والتطور في المشروعات الإلكترونية وتحسين اتجاهات وقدرات الطالب والمعلم، وتوفير فرص أكبر للعمل التعاوني وسهولة البحث عن المعلومة وتنمية المهارات وتحقيق الأهداف.
وفضلاً عن ذلك العنصر المنطقي وهو الأهم منح قدر كبير من الثقة بالذات وقدر وافٍ من التصور المنطقي لكل الأشياء التي تدور حولنا. تجسم فرص النجاح، وهذا هو الجزء الأكبر من سيكولوجية التعلم، و»بوابة المستقبل» التي قيل عنها هدف تحول نحو بيئة رقمية تعزز الإستراتيجيات التربوية وتدعم فرص التعليم الذاتي، لإيجاد بيئة تعليمية يكون محورها الطالب، ويستوجب ذلك تطبيق أساليب تربوية حديثة تحترم عقول الجيل الصاعد وتراعي تفوقه ونشاطه التقني، وتفخر به لأنه أكثر مدنية وذكاء.