د.تركي بن عبدالله القريني
يُدرك المختصون والعاملون في مجال التربية الخاصة بالمملكة العربية السعودية أن هناك الكثير من الممارسات والتحوّلات الحديثة التي ظهرت في تربية وتعليم التلاميذ ذوي الإعاقة، وعلى وجه الخصوص تلك الممارسات ذات العلاقة بطبيعة المنهج التربوي الذي ينبغي أن يُقدَّم لهم والذي يتمثل في إتاحة الفرصة لهم للوصول إلى المنهج العام مع تقديم التعديلات والتكييفات التي يمكن أن تسهم في جعل وصولهم مُيسّراً وسهلاً.
كما يتيح هذا الوصولُ توفيرَ الوقت والجهد والمال من خلال الاستفادة من المنهج العام بدلاً من إعداد منهج خاص لكل فئة لا يضمن لهم الحقّ في تلقّي نفس المقدار من المساواة في المعارف والمهارات التي يتلقّاها أقرانهم العاديين. كما أن المنهج الخاص يتناقض مع السياسات التعليمية التي تؤكد على أهمية تقديم نفس المصادر التعليمية للتلاميذ بغض النظر عن قدراتهم وإمكانيّاتهم.
وفي مقابل ذلك، نجد وزارة التعليم قامت مؤخراً بإعداد منهج خاص لذوي الإعاقة الفكرية، وهذا المنهج في صورته المطروحة -بغض النظر عمّا يتم طرحه من تبريرات بأن هذا المنهج مستندٌ على منهج التعليم العام- لا يتفق مع مبادئ الوصول إلى المنهج العام؛ حيث لا يمكن أن تضع منهجاً خاصاً يتوافق مع جميع الفروق الفردية لكل فئة من فئات الإعاقة. فالوصول الى المنهج العام يمكن أن يتحقق من خلال إعداد أدلّة وأُطر مرجعية تسهم في إكساب معلمي التعليم العام والتربية الخاصة الكفايات التي تمكّنهم من تعديل وتكييف المنهج من خلال تفريد محتوى المنهج العام ، والتدريس المتمايز، وتوظيف التقنية وتضمين تلك التعديلات والتكييفات في برامجهم التربوية الفردية.
على أيّة حال، فإن ما قامت به الوزارة من تشكيل لجنة لإعادة هيكلة البرامج التربوية والمناهج هو مبعث أمل لنا كمختصين بأنْ يطال ذلك برامج ذوي الإعاقة من خلال إيجاد رؤية وفلسفة واضحة حول طبيعة البرامج والمناهج التي ينبغي أن تُقدَّم لهم في ضوء الممارسات العالمية والتوجهات الحديثة.
** **
د. تركي بن عبدالله القريني - أستاذ التربية الخاصة المشارك بجامعة الملك سعود