د. أحمد الفراج
عندما فاز الرئيس دونالد ترمب بالرئاسة، كانت مهمته الأولى، كأي رئيس منتخب، أن يستقطب أركان إدارته، وعندما نتحدث عن أركان الإدارة، فنحن نتحدث عن وزير الخارجية، ووزير الدفاع، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، ووزير الأمن القومي، ومن المعروف أن أي سياسي أمريكي يطمح بواحد من هذه المناصب المرموقة، إذ إنها تمنح صاحبها أدوارًا كبرى، لا في أمريكا وحسب، بل حول العالم، وتتفاوت قدرات من تسنموا هذه المناصب، خلال تاريخ أمريكا السياسي، فمنهم البارز، مثل هنري كيسنجر، وزير خارجية الرئيس نيكسون، وجورج بوش الأب، الذي رأس الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، في عهد الرئيس جيرالد فورد، ومنهم من هو دون ذلك، ولكن تظل هذه المناصب الرفيعة حكرا على السياسيين المؤهلين والكبار فقط.
في بداية الأمر، ترددت شائعات عن عدد من الأسماء، التي قيل إن ترمب سيرشح واحدًا منها لوزارة الخارجية، وقد شملت الأسماء روبرت جولياني، عمدة مدينة نيويورك الأشهر، عندما وقعت أحداث سبتمبر، وجون بولتون، مندوب أمريكا السابق لدى الأمم المتحدة، ثم، وفي مفاجأة حيرت المراقبين، دعى ترمب خصمه الشرس، والمرشح الرئاسي السابق، ميت رومني، لمنزله في لقاء خاص، وتردد أنه عرض عليه منصب وزير الخارجية!!، والحاكم رومني مؤهل بلا شك، وكان مرشحا رئاسيًا سابقًا، خسر ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، أمام السيناتور، جون مكين، في عام 2008، ثم فاز بعد ذلك، في عام 2012، بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، وخسر أمام باراك أوباما، وبحكم أنه كان قد تراشق مع ترمب بحدّة، فقد تساءل المراقبون عما إن كان ترمب قد استضافه ليعرض عليه، منصب وزير الخارجية، أو أنه استضافه ليثبت للشعب الأمريكي أن رومني لم يكن صادقًا في نقده له، وإلا لما استجاب لدعوته!
في نهاية المطاف، وبينما كان المعلقون يتناولون أسماء المرشحين لوزارة الخارجية، الذين ذكرنا أبرزهم أعلاه، ظهر من اللا مكان اسم رئيس شركة اكسون موبايل الضخمة، ريكس تيلرسون، كمرشح محتمل للخارجية، وبالفعل تم ذلك، فقد رشحه ترمب، ثم اجتاز تيلرسون استجواب مجلس الشيوخ، وتم تعيينه، إذ إن الرئيس يرشح من يريد للمناصب الهامة، ولكن لا يتم التعيين، إلا بعد أن يحصل المرشح على أصوات الأغلبية في مجلس الشيوخ، ومنذ تعيين تيلرسون، والتساؤلات حوله تزداد، فعلاوة على نقص خبرته السياسية، فهو لا يحبّذ الإعلام، ومرت فترة هجر فيها الإعلام، لدرجة أنه لا أحد يعلم ما يدور في أروقة أهم وزارة أمريكية، كما أن السيد تيلرسون لا يشجع على النشاطات، التي اعتادت الخارجية الأمريكية على إقامتها، وما يهم حاليًا، هو معرفة أسرار ترشيح ترمب لتيلرسون، وطبيعة علاقة الرجلين، ولأهمية ذلك، فسأحاول تسليط الضوء عليه في المقال القادم!