«الجزيرة» - محمد السلامة:
لاحت في الأفق بارقة أمل أمام قضية مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الخليجية - الأوروبية في مسعى لإعادة إحياء هذه المفاوضات من جديد التي مضى على تعليقها من قبل دول مجلس التعاون نحو تسعة أعوام، وذلك بعد مناقشة مؤتمر العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الذي اختتم أعماله بالعاصمة البلجيكية بروكسل أمس، الآليات الضرورية لزيادة التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين، بما في ذلك إحياء مفاوضات التجارة الحرة المتوقفة منذ العام 2009.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر الذي نظمته لجنة التجارة الدولية في البرلمان الأوروبي، أكد الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في أمانة مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبدالعزيز حمد العويشق حرص المجلس على تعزيز علاقاته التجارية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، مستعرضاً خطط التحول الوطني في دول الخليج، التي تهدف إلى تسريع التنوع الاقتصادي وزيادة مساهمة المواطنين والقطاع الخاص في الاقتصاد، موضحاً أن هذه الخطط تمثل فرصاً مهمة للاستثمار للقطاع الخاص الأوروبي والدخول في شراكات مفيدة مع القطاع الخاص الخليجي.
وأفاد العويشق، أن الاتحاد الأوروبي ما زال الشريك التجاري الأول لدول المجلس، حيث تجاوز التبادل التجاري بينهما 183 مليار دولار، على الرغم من أن حصة الاتحاد الأوروبي في إجمالي التجارة الخارجية مستمرة في التناقص، حيث انخفضت من 24 % في عام 1992 إلى نحو 11 % من إجمالي التجارة الخارجية لدول المجلس العام الماضي، حيث تحولت معظم تجارة دول المجلس إلى القارة الآسيوية، متناولاً في هذا الصدد أيضا تواضع مستويات الاستثمار الأوروبي في الخليج قياساً على الفرص المتاحة.
من جانبها، تحدثت رئيسة لجنة الجزيرة العربية في البرلمان الأوروبي وزيرة الخارجية والدفاع والعدل السابقة في فرنسا ميشيل أليوت ماري، عن الحاجة إلى تحقيق شراكات حقيقية بين قطاعي الأعمال الخليجي والأوروبي في مجال التنمية الصناعية على وجه الخصوص للاستفادة من برامج التحول الوطني في دول المجلس، متناولة المنافسة الدولية الشديدة على السوق الخليجية، والحاجة إلى تحفيز الاستثمار الأوروبي في المنطقة. ودعت ميشيل ماري ممثلو الاتحاد الأوروبي إلى العمل الجماعي على المستوى الأوروبي لتسهيل التبادل التجاري وتحفيز الاستثمار بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي.
ومن المعلوم أن دول مجلس التعاون الخليجي استأنفت مؤخرا جميع مفاوضات التجارة الحرة التي تجريها مع دول العالم والمجموعات الاقتصادية الأخرى، بعد أن تم إيقافها خلال الفترة الماضية بهدف إعادة تقييمها في ضوء الأوضاع الاقتصادية على مستوى العالم وتحديدا الأزمة المالية الماضية، على ألا تشمل هذه الخطوة إعادة مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن التراخي والمماطلة الأوروبية في إتمام اتفاقية التجارة الحرة، دفعت دول المجلس إلى البحث عن مجموعات وتكتلات اقتصادية أخرى خصوصا مع دول شرق آسيا. وعلق الجانب الخليجي مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2008 نظرا لتمسك الجانب الأوروبي بآراء متشددة فيما يتعلق برسوم الصادرات. ورغم أن المشاورات بين الجانبين مستمرة حول المسائل العالقة في اتفاقية التجارة الحرة وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بموضوع رسوم الصادرات، إلا أن موقف دول المجلس لم يتغير بشأنها وقد تم إبلاغ الجانب الأوروبي بذلك، والتي ترى أن القيود التي اقترحها الأوروبيون غير مقبولة والمتمثلة بأن يكون هناك قيد زمني لفرض الرسوم على الصادرات بحيث يكون فرض الرسوم مؤقتا ولمدة محددة بعدد السنوات، وأيضا قيد كمي بحيث لا تتجاوز الرسوم نسبة معينة من حجم التجارة بين الجانبين، وكذلك أن يعطى الحق في حال فرض أحد الطرفين رسوما على الصادرات للطرف الآخر بفرض إجراءات تعويضية. حيث تعتقد دول المجلس أن أي قيود تفرض على رسوم الصادرات يجب أن تكون منسجمة مع قواعد منظمة التجارة العالمية وتخضع لها، كما تقترح الاحتكام في هذه المسألة لهذه القواعد أيضا.