* مدخل: (الشعر ديوان العرب):
* مقولة قديمة تتناقلها الكتب القديمة والمعاصرة على حد سواء لقيمة معناها ومدلول هدفها، وكانت وما زالت عالقة في أفكار ورؤى عاشقيها من الأدباء والشعراء «استملاحاً وقبولاً» يستشهدون بها في دراساتهم وبحوثهم في تقييم الشعر العربي وجودته وأصالته وتفوقه على غيره من الأشعار الأخرى (لغة وموسيقى)!
* بداية:
* (عندما تتعرى الأيام) ديوان شعر للشاعر الراحل/ أحمد سالم باعطب -رحمه الله- من إصدارات نادي الطائف الأدبي عام 1421هـ من القطع الصغير حوى (52) قصيدة من الشعر العربي المقفى الموزون، صدر له أكثر من ديوان: منها: الروض الملتهب، وقلبٌ على الرصيف، وعيون تعشق السهر، قدم له ثلاثة من أدباء ونقاد العالم العربي هم/ الشاعر فاروق شوشة من مصر والأديب الشاعر/ راشد الحمدان -رحمه الله- من المملكة العربية السعودية و»أبو أسرار» من اليمن، وعبدالله الشيتي من الكويت وكل مقدماتهم تؤكد «قوة شعر الشاعر وجزالته وصدق العاطفة والأحاسيس المرهفة في شعره وغوصه في كثير من القضايا الاجتماعية.
* عرفت الشاعر مغرداً بأحلى الشعر وأعذبه في الأمسيات الشعرية بنادي الطائف الأدبي، وتوالت معرفتي به في اللقاءات الأدبية والأمسيات الشعرية الأخرى، فكان -بحق- شاعراً مبدعاً، وعالماً في اللغة ملماً بأسرارها، إضافة لإجادته كتابة المسرح الشعري كما فعل في أوبريت «مسيرة الخير» في أحد مهرجانات الجنادرية.
* ومن درر شعره الفواح بأريج المعاني وأصدق العواطف نستمع إليه في قصيدة بعنوان «المليحة والشاعر» ص(25) يتبادل مع مليحته أسئلة رقيقة في معناها ومبناها بعيداً عن التكلف مفعمة بالأحاسيس المرهفة والعتاب الرقيق البريء.
المليحة والشاعر
ما للمليحةِ لا تُقيلُ عثاري؟
من يا تُرى أَوْحَى لها بإساري؟
فَتَحتْ نوافِذَ قلبِها لظنونها
فاستعذبتْ هَجْري وطول حصاري
لم تَحْمِ عاطفتي ولَمْ ترحَمْ دمي
تغزو شراييني وتطفئُ ناري
أهديتُ ديواني لَهَا فتأَفَّفَتْ
هذا رصيدُ بطولةِ الثرثارِ
وحملتُ باقاتِ الولاءِ لعلّها
تَرْضَى بما قَدَّمْتُ من أعْذاري
فتبسَّمَتْ كي تَسترِقَّ مشاعري
فوهبتُ عُنواني لها وشِعاري
ومنحتُها مما تحبُّ قلائداً
مَجْلُوَّةً مِنْ عَسْجَدٍ ونُضَارِ
فتأوهت آهاً وآهاً ليتني
لم أُلْقِ ما بِيَدي إلى سِمْسارِ
يا روضَةً الإبداعِ جَفَّ على فمي
نَغَمِي ونهرُكِ بالعذوبةِ جاري
كَمْ جئت استسقي لأملأ جَرّتي
فَأعودُ ظمآناً ونهرُكِ جاري
* والشاعر كغيره من الشعراء تغنى في شعره بأمجاد أمته ووطنه وتاريخها المجيد وجهود المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في توحيد البلاد وجمع شتاتها وباني نهضتها على الحق والدين والصلاح، وسار من بعده أبناؤه البررة وكانوا خير خلف لخير سلف. وبلغت البلاد في عهدهم إلى أوج الرقي والتقدم في شتى مجالات الحياة، يظللها الأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش الكريم.
* والشاعر من شعراء البلاد وأبنائها الذين حزنوا على رحيل وفقد الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز مؤسس الأندية الأدبية وصاحب فكرة إنشائها وداعم مسيرتها نحو الإبداع والتألق رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وله في ذلك قصيدة يرثي فيها الراحل ص (115) قدم لها بقوله (إلى روح فقيد البطولات.. والمروءات صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وأدخله فسيح جناته).
بعْدَ أن شادَ للبُطولاتِ صَرْحاً
وسَقَى المَكْرُماتِ بَذْلاً ونُصْحَا
وارتقَى سُلَّمَ المفاخرِ جُهْداً
عالميّ العَطَاءِ لَيلاً وصُبْحَا
وَدَّعْتَهُ النُّفُوسُ ثَكْلَى وأَمْسى
كلُّ قَلْبٍ يذوبُ حُزْناً وأضْحَى
يا أميرَ الوَفَاءِ ما زلْتَ رمزاً
أينما سارَ يَهْتِفُ المَجْدُ مَرْحَى
* خاتمة:
* كانت هذه جولة وجيزة في ديوان (عندما تتعرى الأيام) للشاعر الراحل/ أحمد سالم باعطب، استعرضنا خلالها شيئاً من سيرته وشعره، والحق أن من تابع سيرته وقرأ شعره من خلال دواوينه ومشاركاته المميزة في المناسبات الوطنية والعربية يضعهُ في طليعة شعراء المملكة البارزين الذين أسهموا في الساحة الشعرية بجميل الشعر وأعذبه وغادروا الحياة في هدوء ودون ضوضاء، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
** **
علي خضران القرني - كاتب وأديب - الطائف