هالة الناصر
لم تقف الأطروحات التي تنتقد أدوار الأمم المتحدة وأهميتها في حفظ وتحقيق العدل والمساواة بين دول العالم، حتى ذهبت الكثير من هذه الأطروحات إلى ما هو أبعد من ذلك في تأكيد عدم جدوى هذه المنظمة في ظل تفاقم الأزمات الدولية وتردي الأحوال الاقتصادية والأمنية للبشرية جمعاء، استخدمت الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة التي يحق لها استخدام النقض الفيتو ما يقارب ثلاثمائة وسبعاً وخمسين مرة منذ قرار تأسيسها في عام 1945م، روسيا أو ما كانت تسمى الاتحاد السوفييتي -سابقاً- هي الأكثر استخداماً له، وبالذات في العشر السنوات الأخيرة، متجاوزة جميع الدول الأعضاء في استخدام الفيتو 79 مرة، ومن المفارقات العجيبة التي تبين ديكتاتورية هذه الدول من ديمقراطيتها أنه في ظل كثرة استخدام أمريكا وروسيا لحق النقض الفيتو، نجد أن دولاً مثل فرنسا والصين لم تستخدمه إلا في حالات قليلة جداً، حيث استخدمته فرنسا 18 مرة، بينما الصين لم تستخدمه سوى خمس مرات فقط، وهذا مؤشر مهم يكشف الكثير من جدوى هذه المنظمة من عدمها.
مبدأ وجود حق النقض الفيتو وحصره فقط في الخمس دول التي انتصرت في الحرب العالمية، ينافي مبدأ الديمقراطية التي هي المهمة الأولى لمنظمة الأمم المتحدة، لو اجتمعت جميع دول الكرة الأرضية على قرار دولي معين، تستطيع أي دولة من هذه الدول نسف القرار بحركة يد بسيطة من عضو إحدى هذه الدول الخمس، في مشهد يؤكد أن الديمقراطية مجرد مصطلح دبلوماسي وسياسي، يستخدم في ظل المصالح المحضة التي تصب في صالح القرار الذي يخدم إحدى هذه الدول.
الآن وبعد أن تفرّق الحلفاء الخمسة وتقاطعت مصالحهم لدرجة وصلت لحرب باردة وحامية الوطيس بين أمريكا وروسيا، ولم يعد بينهم أي مؤشر للعودة للتحالف من جديد، حيث انقسم حلفاء الحرب المنتصرون الخمسة إلى ثلاثة فرقاء، روسيا والصين أصبحا حلفاً مستقلاً، وأمريكا وبريطانيا ذهبا في حلف مستقل آخر، أما فرنسا فبقيت وحدها مع دول الاتحاد الأوروبي، ولم تعد المنظمة التي مهمتها حماية العدل والحرية محط ثقة البشرية، وفقدت احترامها وأهميتها ودورها، وأصبحت مجرد منصة كلامية واستهلاك إعلامي ليس له أي تأثير يذكر!