د. عبدالرحمن الشلاش
لدي قناعة أن القائد الجديد لأي مؤسسة حكومية أو خاصة لا يحتاج لوقت طويل كي يثبت نجاحه أو على الأقل إظهار بوادر هذا النجاح متى ما كان لديه فهم بمشكلات الجهاز الجديد ورؤية واضحة للتغيير وأهداف محددة وبرامج متكاملة.
القيادة الإدارية تقوم غالبا على الفكر قبل المال لأن المال بدون فكره مصيره للهدر والتبذير والتبديد . بدون فكر لا وجود لرؤية ولا أهداف، ولذلك وجدنا قيادات حظيت بالثقة بتعيينها في مواقع مهمة لكنها غادرت دون أن تضع أي بصمة، بل إن بعض القيادات أعفيت نتيجة تخبطاتها وعدم مقدرتها على تحقيق الحد الأدنى من النجاح. يقول وارن جي بينس «القيادة هي المقدرة على ترجمة الرؤية إلى واقع ملموس».
تداول المجتمع في الفترة الماضية جملة قرارات جريئة وشجاعة أتخذها معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة شملت إعفاء رؤساء أندية ومسئولين ما يعني أن معاليه قد وضع رؤية واضحة لتغيير واقع غير جيد يعاني منه قطاع الرياضة السعودية منذ زمن ويحتاج لقرارات شجاعة تضع الأمور في نصابها .
صحيح أن أمام معاليه مشوار طويل جدا لكن البداية مبشرة جدا وهذا هو المطلوب، فظهور بوادر النجاح من الخطوات الأولى يزيد من مساحات التفاؤل بإصلاح هذا القطاع الهام الذي يرعى الشباب، وتحتدم في ميادينه المنافسات ويتزايد مع منافساته الاحتقان والتعصب، ولن يكتمل هذا النجاح المبهر إلا بإصلاح أحوال الأندية، وإصلاح أحوال الاتحادات الرياضية، وأحوال الإعلام الرياضي بكافة قنواته ليكون دوره إيجابيا في توجيه المشجعين للابتعاد عن التعصب والحد من أدواره السلبية في تغذية التعصب وتأجيج الشارع الرياضي، أيضا النظر في وضع التحكيم السعودي ليواكب الطفرة الرياضية في المملكة، وبحث ديون الأندية وإيجاد الحلول العاجلة كي لا تتفاقم أو تتكرر. بوادر البداية الناجحة أوردتها كمثال أن الفكر يمكن أن يتغلب على المال والدعم.
الفكر السليم والشخصية القوية أبرز دعائم نجاح القائد. يقول جون سي ماكسويل المفكر الأمريكي في كتابه قوة القيادة «أول درس يجب علينا تعلمه هو أن القيادة بمفهومها العام تنبع من الشخصية القوية، ووضع دعائم للشخصية القوية شيء أساسي لتدعيم السلوك القويم. ستصبح ثقة أتباعنا ومدى تأثرهم بناء على مستوى مواز لقوة شخصيتنا».
و نحن اليوم نبحر في مركب رؤية 2030 ما أحوجنا لمزيد من الشخصيات القيادية القوية والتي تترجم الرؤية إلى واقع ملموس.