فيصل خالد الخديدي
يعد الحوار ضرورة حياتية في شتى المجالات الإنسانية، ويأتي في الفنون التشكيلية بعدة مستويات على حسب أطراف الحوار، ولكل مستوى لغته التي تدار وتدير أطرافه بين أقطابه، فمنها حوار بين الفنان وذاته الفنية ويترجم في عمله الفني وهو مستوى عالي الحساسية ويتطلب أداء مرتفعًا واستحضارًا لجميع القيم الفنية والجمالية والفكرية بين الفنان وأدواته وبين الفنان وإحساسه ليخرج من هذا الحوار بخطاب جمالي أو رسائل فكرية أو علاقات فنية مبتكرة مدهشة وربما يخرج بها جميعاً أو ببعضها في أعماله الفنية لتلامس المتلقي في مستوى حوار آخر بين المُخرج الفني وبين المتلقي والنقاد والقارئ لهذه الأعمال وفي هذا المستوى من الحوار يكون لخبرة المتلقي ومحمولة الثقافي والفني والبصري دور في عملية التواصل والحوار والوصول إلى لغة بصرية مشتركة تشي بكثير من مدلولات الأعمال ومكنونات الفنان صاحب الأعمال، وفي هذا النوع من الحوار التشكيلي تكون أبجديات لغته متاحة لا تعرف الحدود ولا اختلاف اللهجات واللغات فهي لغة بصرية عالمية مقروءة وفق أسس علمية ونظرة فنية وثقافة بصرية.
ومن مستويات الحوار التشكيلي حوار الفنان عن منجزه الفني وعادة ما يكون حوارًا في العموميات وفي الأطر الفكرية والجمالية بشكل عام لا يصل لمدلولية العمل وقصديته وإلا أفسدته وأطرته في إطار ضيق يحد من أفق العمل وفكر المتلقي.
ويأتي الحوار اللفظي من الفنان إما بينه وبين مماثليه من الفنانين، أو من خلال قراءاته وكتاباته الفنية الموازية والقارئة والمعبرة باللفظ والكلمة عن قضايا الفن وتطلعاته وقراءة واقعه وتأملاته وهو ما يتطلب منه لغة أدبية وسعة مصطلح وثقافة عريضة تمكنه من صياغة خطابه الحواري الموازي للخطاب البصري، أما مستوى الحوار التشكيلي بين الفنانين أنفسهم فعادة ما يرتقي بأطراف الحوار ومتابعيه، متى ما حقق الحيادية والمنطقية والاحترام المتبادل بين أطراف الحوار وطرح القضايا المهمة المثيرة للتفكير والمفيدة لجميع أطراف الحوار، ومع ثورة مواقع التواصل وبرامج الحوار أصبح الحوار أداة بناء في الساحة التشكيلية وفي ذات الوقت أداة هدم وتضليل متى ما كان التجني لغة الحوار والخديعة والتزييف أبجديات التواصل فالتقنيات النافعة إذا لم يقنن استخدامها تفقد الهدف وتحقق نتائج مخيبة وعكسية لا يفيد معها أي حوار.