أ.د.عثمان بن صالح العامر
جميل أن يتسابق أهل الاختصاص العارفين بسلوك الناس الخابرين لمشاكلهم الشائعة في إسداء المعروف للعامة، وتقديم النصح لهم، ونشر المعلومة بين أيديهم، وبيان الصواب والخطأ في سلوكهم الحياتي سواء أكان هذا السلوك غذائياً أم علاجياً أو أخلاقياً أو ديناً أو إدارياً ووظيفياً أو اقتصادياً أو... ولكن السيئ في الموضوع والخطير في الأمر والقبيح في هذه الرسائل التي سرعان ما تنتشر بين الناس -خاصة الطبية والغذائية والنفسية التي تملأ عالمنا الافتراضي-، الجزم بصحة نتائج أبحاث ودراسات هي مجرّد فرضيات علمية مازالت في طور التحقق والتثبت، ولكن لكونها تخالف المألوف والمتعارف عليه في الأوساط العلمية فضلاً عن الشعبية، ولأنها قد تكون صادمة وتشهر هذا الطبيب لدى شريحة عريضة في المجتمع حين يكون هو من قالها و... يحرص هذا الدكتور المختص على الاستعجال في إذاعة ما وقع تحت يده بطريقة توحي أنها معلومات قطعية للأسف الشديد، وقد يكون لهذا العلاج الذي روّج له آثار جانبية، أو أنه لا يلائم شريحة من المرضى بأمراض لا وجود لها في بلد الدراسة، ولم تجرِ عليها الفحوصات المخبرية اللازمة بشكل مباشر، أو أنّ هذا المغرد - حتى لو كان دكتوراً متخصصاً - هو ضحية التأثر بالترويج الدعائي لإحدى الشركات العالمية، التي قد - أقول قد - أثرت في النتائج البحثية لتسويق منتجها العلاجي أو الغذائي في منطقتنا العربية بطريقة أو بأخرى.
يوازيه في السوء -بل يزيد- من يتبنّى الترويج لعلاج شعبي أو عشبة برية، ويسوق لمدّعي الطب الذي يقول عنه إنّ باستطاعته -بعد توفيق الله وعونه- شفاء أمراض مستعصية عجزت مراكز أبحاث عالمية معروفة عن التوصل لمصل خاص لهذا المرض أو ذاك، مع أنّ المهتمين به والمفرغين لدراسته وإجراء التجارب السريرية عليه، هم فطاحل الأطباء في العالم أهل الاختصاص الدقيق.
إنّ الواجب أن يعي هؤلاء وأولئك أنّ الموضوع خطير جداً، فالمريض أياً كان وضعه وحاله - ومثله كبار السن والبسطاء من الناس - يبحثون عن الشفاء بأيّ ثمن، ويتعلقون بالقشة إذا ظنوا مجرد ظن أنّ فيها الشفاء بإذن الله، ولذلك قد تنطلي عليهم هذه الترويجات ويصدقون ما يكتب ويقال، ويكون الثمن تدهور صحتهم، وقد يفقد الواحد منهم حياته بسبب تعاطي هذه الوصفة العلاجية المسوّق لها بطريقة غير علمية ولا اعتبار لها في عالم الصحة أو حتى الغذاء، وينطبق هذا القول فضلاً عن الأمور العلاجية للأمراض المستعصية - وقانا الله وإياكم الإصابة بها - على طب التجميل ، وشاي التخسيس، وعلاج السمنة، التي صارت هاجس المرأة الخليجية، وعلى وجه الخصوص السعودية اليوم، الأمر الذي دفع تجار الوهم إلى التسابق المحموم للترويج لمنتجاتهم المدعاة عن طريق مشاهير السناب وتويتر والفيس بوك بمبالغ مغرية يدفعونها لهذا الشخص المسوق الذي غالباً لا يفكر بالثمن الذي قد يؤخذ منه حين يقف بين يدي الله ليحاسبه عن قوله وتغريره للناس الذين قضوا نحبهم، أو صاروا أشد حالاً، أو على الأقل دفعوا أموالهم ولم يتحقق لهم ما قيل في حملة التسويق لهذا المنتج العلاجي أو الغذائي المزعوم.
الصحة غالية، والتسرع في إعطاء المعلومة أو وصف الدواء الخطأ للكل دون مراعاة للفوارق السنية والحالة العامة للمريض وقابلية الجسم لهذا العلاج و... سيكلف كثيراً وسيدفع الثمن العامة غالباً، لنكن على حذر، فرب كلمة قالت لصاحبها دعني. دمتم بسلام وصحة وأمن وأمان، وإلى لقاء والسلام.